الأول: لن، وهو حرف بالإجماع
  [الأحزاب، ٣٧] فاللام جارة دالة على التعليل، وكي مصدرية بمنزلة أن، لا تعليلية؛ لأن الجارّ لا يدخل على الجارّ.
  ويمتنع أن تكون مصدرية في نحو: «جئتك كي أن تكرمني»؛ إذ لا يدخل الحرف المصدريّ على مثله، ومثل هذا الاستعمال إنما يجوز للشاعر، كقوله:
  ١٤٣ - فقالت: أكلّ النّاس أصبحت مانحا ... لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا؟
  ولا يجوز في النثر، خلافا للكوفيين.
  وتقول: «جئت كي تكرمني» فتحتمل «كي» أن تكون تعليلية جارّة والفعل بعدها منصوبا بأن محذوفة، وأن تكون مصدرية ناصبة وقبلها لام جرّ مقدرة(١).
١٤٣ - هذا بيت من الطويل من كلام جميل بن معمر العذري، وقد استشهد به المؤلف في أوضحه (رقم ٤٩١) والأشموني (رقم ٥٢١).
الإعراب: «فقالت» الفاء حرف عطف، وقال: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، «أكل» الهمزة للاستفهام، كل: مفعول أول لقوله مانحا الآتي؛ لأنه اسم فاعل يعمل عمل الفعل، وكل مضاف و «الناس» مضاف إليه، «أصبحت»
(١) ذكر المؤلف لكي ثلاثة أحوال، أولها: أن تكون كي فيها مصدرية لا غير، وثانيها: أن تكون فيها تعليلية لا غير، وثالثها: أن تكون محتملة للوجهين جميعا.
وتلخيص ضابط الحالة الأولى: أن «كي» تكون مصدرية لا غير إذا تقدمت عليها اللام التعليلية لفظا، نحو قولك: زرتك لكي تكرمني، ونحو قوله تعالى: {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ}[الأحزاب، ٣٧]، وإنما تعينت كي في هذه الحالة للمصدرية لأنها لو لم تجعل مصدرية لكانت تعليلية، في حين أن اللام التي قبلها حرف تعليل؛ فيلزم على اعتبارها تعليلية أن يتوالى حرفان بمعنى واحد، وهو غير جائز في العربية إلا في باب التوكيد، وللضرورة، واعتبارها مصدرية أكثر فائدة من اعتبارها تعليلية مؤكدة لمعنى اللام.
وتلخيص ضابط الحالة الثانية: أن كي تكون تعليلية لا غير في إحدى حالتين: الأولى إذا وقعت بعدها أن المصدرية في اللفظ، نحو قولك «جئت كي أن تكرمني» وإنما تعينت كي في هذه الحالة للتعليلية لأننا لو لم نعتبرها تعليلية للزم اعتبارها مصدرية، في حين أن أن التي بعدها مصدرية؛ فيلزم توالي حرفين بمعنى واحد، وهو لا يجوز كما قلنا، والثانية من الحالتين اللتين تكون كي فيهما تعليلية لا غير: إذا وقعت بعدها لام التعليل نحو قولك: جئت كي لأقرأ، وإنما وجب اعتبارها تعليلية لأننا لو لم نعتبرها تعليلية لوجب اعتبارها مصدرية ناصبة للمضارع بنفسها، والحروف الناصبة من العوامل الضعيفة التي لا تقوى على العمل مع الفصل بينها وبين معموليها، وههنا قد فصل بين كي والمضارع باللام؛ فالذي ألجأنا إلى قبول توالي حرفين بمعنى واحد هو الفرار من أمر ممتنع، وهو الفصل بين العامل الضعيف ومعموله. =