شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الأول: حتى، بشرط استقبال ما بعدها

صفحة 315 - الجزء 1

  المجرّد من لا، نحو: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ} بخلاف {لِئَلَّا يَعْلَمَ} أو جحودية نحو: «ما كنت - أو لم أكن - لأفعل».

  وبعد ثلاثة من حروف العطف، وهي: «أو» الّتي بمعنى إلى نحو: «لألزمنّك أو تقضيني حقّي» أو إلّا نحو: «لأقتلنّه أو يسلم» وفاء السّببيّة وواو المعيّة مسبوقين بنفي محض أو طلب بغير اسم الفعل، نحو: {لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} ونحو: {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي.}

  و* لا تنه عن خلق وتأتي مثله*

  وبعد الفاء والواو وأو وثمّ، إن عطفن على اسم خالص، نحو: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً.}

  و* للبس عباءة وتقرّ عيني*

  ولك معهنّ ومع لام التّعليل إظهار أن.

  وأقول: اختصت «أن» بأنها تنصب المضارع ظاهرة ومقدرة، بخلاف أخواتها الثلاث فإنها لا تنصبه إلا ظاهرة، وإنما تضمر في الغالب بعد حرف جر، أو حرف عطف⁣(⁣١).

  فأما حروف الجر التي تضمر بعدها فثلاثة: حتى، واللام، وكي التعليلية.

  أما «حتى» فنحو: {حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ}⁣[الحجرات - ٩] {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا


(١) قد ورد شذوذا إضمار «أن» المصدرية في غير هذه المواضع مع بقاء عملها - وهو النصب - فمن ذلك قراءة بعضهم: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ}⁣[سورة الأنبياء، الآية: ١٩]، في قراءة من قرأ بنصب (يدمغ) ومن ذلك قولهم في المثل: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، بنصب «تسمع» وتقدم الكلام عليه تفصيلا (انظر ص ٤١ و ١٨٥ و ٢١٠ من هذا الكتاب) ومن ذلك قول طرفة بن العبد البكري في معلقته:

إلا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى ... وإن أشهد اللذات هل أنت مخلدي

بنصب «أحضر» وهو الشاهد (رقم ٧١) الذي سبق لنا شرحه، ومن ذلك قول بعض العرب: خذ اللص قبل يأخذك، بنصب «يأخذ» وإنما كان ذلك شاذا لأن الناصب ضعيف كالجار والجازم، والعامل الضعيف إنما سبيله أن يعمل مذكورا فإن حذف لم يبق له عمل.