الأول: حتى، بشرط استقبال ما بعدها
  المجرّد من لا، نحو: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ} بخلاف {لِئَلَّا يَعْلَمَ} أو جحودية نحو: «ما كنت - أو لم أكن - لأفعل».
  وبعد ثلاثة من حروف العطف، وهي: «أو» الّتي بمعنى إلى نحو: «لألزمنّك أو تقضيني حقّي» أو إلّا نحو: «لأقتلنّه أو يسلم» وفاء السّببيّة وواو المعيّة مسبوقين بنفي محض أو طلب بغير اسم الفعل، نحو: {لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} ونحو: {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي.}
  و* لا تنه عن خلق وتأتي مثله*
  وبعد الفاء والواو وأو وثمّ، إن عطفن على اسم خالص، نحو: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً.}
  و* للبس عباءة وتقرّ عيني*
  ولك معهنّ ومع لام التّعليل إظهار أن.
  وأقول: اختصت «أن» بأنها تنصب المضارع ظاهرة ومقدرة، بخلاف أخواتها الثلاث فإنها لا تنصبه إلا ظاهرة، وإنما تضمر في الغالب بعد حرف جر، أو حرف عطف(١).
  فأما حروف الجر التي تضمر بعدها فثلاثة: حتى، واللام، وكي التعليلية.
  أما «حتى» فنحو: {حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ}[الحجرات - ٩] {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا
(١) قد ورد شذوذا إضمار «أن» المصدرية في غير هذه المواضع مع بقاء عملها - وهو النصب - فمن ذلك قراءة بعضهم: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ}[سورة الأنبياء، الآية: ١٩]، في قراءة من قرأ بنصب (يدمغ) ومن ذلك قولهم في المثل: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، بنصب «تسمع» وتقدم الكلام عليه تفصيلا (انظر ص ٤١ و ١٨٥ و ٢١٠ من هذا الكتاب) ومن ذلك قول طرفة بن العبد البكري في معلقته:
إلا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى ... وإن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
بنصب «أحضر» وهو الشاهد (رقم ٧١) الذي سبق لنا شرحه، ومن ذلك قول بعض العرب: خذ اللص قبل يأخذك، بنصب «يأخذ» وإنما كان ذلك شاذا لأن الناصب ضعيف كالجار والجازم، والعامل الضعيف إنما سبيله أن يعمل مذكورا فإن حذف لم يبق له عمل.