شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

يجوز حذف «رب» وبقاء عملها

صفحة 337 - الجزء 1

  قدرت كي تعليليّة فالنصب بأن المضمرة، وأن مع هذا الفعل في تأويل مصدر مجرور بكي، وكأنك قلت: جئتك للإكرام.

  الخامس: ما يجر نوعا خاصا من الظواهر، وهو منذ ومذ؛ فإن مجرورهما لا يكون إلا اسم زمان، ولا يكون ذلك الزمان إلا معينا، لا مبهما، ولا يكون [ذلك] المعين إلا ماضيا أو حاضرا، لا مستقبلا، تقول: «ما رأيته منذ يوم الجمعة» و «مذ يوم الجمعة» و «منذ يومنا» و «مذ يومنا» ولا تقول: «لا أراه منذ غد» و «لا مذ غد»، وكذا لا تقول «ما رأيته منذ وقت».

  السادس: ما يجر نوعا خاصّا من المضمرات، ونوعا خاصّا من المظهرات، وهو «ربّ» فإنها إن جرت ضميرا فلا يكون إلا ضمير غيبة مفردا مذكرا مرادا به المفرد المذكر وغيره، ويجب تفسيره بنكرة بعده مطابقة للمعنى المراد منصوبة على التمييز، نحو «ربّه رجلا لقيت» و «ربّه رجلين» و «ربّه رجالا» و «ربّه امرأة» و «ربّه امرأتين» و «ربّه نساء»، وكلّ ذلك قليل، وإن جرّت ظاهرا فلا يكون إلا نكرة موصوفة نحو «ربّ رجل صالح لقيت» وذلك كثير.

  فإن قلت: قد كان من حقك أن تؤخر التاء في الذكر عن الحروف المذكورة بعدها؛ لاختصاص التاء باسم الله تعالى وربّ الكعبة، واختصاصهن إما بنوع أو نوعين أو فرد ونوع كما فصّلت، وأصل حرف الجر أن لا يختص، والمختص بنوع أقرب إلى الأصل من مختص بفرد، وكان ينبغي أن يتقدم المختص بنوعين وهو رب، على المختص بفرد ونوع، وهي كي.

  قلت: إنما ذكرت التاء إلى جانب الواو لأنها شريكتها في القسم، فتأخيرها عنها قطع للنظير عن نظيره، ولما أردت أن أذكر شيئا من أحكام ربّ اقتضى ذلك تأخيرها لئلا يقع ذكر أحكامها فاصلا بين هذه الحروف؛ وأيضا فإنني ذكرت حكم رب في الحذف وذكرت حكم بقية الحروف في ذلك، فلو كانت رب مقدّمة كان ذلك أيضا قطعا للنظير عن النظير بالنسبة إلى الأحكام.

  ثم قلت: ويجوز حذفها معه، فيجب بقاء عملها، وذلك بعد الواو كثير، والفاء وبل قليل، وحذف اللّام قبل كي، وخافض أن وأنّ مطلقا.