شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الحروف الجارة على ستة أقسام

صفحة 343 - الجزء 1

  أي: لمّا دخلنا هذا البيت أسندنا ظهورنا إلى كل رحل منسوب إلى الحيرة مخطّط فيه طرائق.

  وفي الاصطلاح: إسناد اسم إلى غيره، على تنزيل الثاني من الأول منزلة تنوينه، أو ما يقوم مقام تنوينه، ولهذا وجب تجريد المضاف من التنوين في نحو: «غلام زيد» ومن النون في نحو: «غلامي زيد» و «ضاربي عمرو»، قال الله تعالى: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ}⁣[المسد - ١] {إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ}⁣[القمر - ٢٧] {إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ}⁣[العنكبوت، ٣١]، وذلك لأن نون المثنى والمجموع على حدّه قائمة مقام تنوين المفرد.

  وإلى هذا أشرت بقولي «ويجرد المضاف من تنوين أو نون تشبهه».

  واحترزت بقولي «تشبهه» من نون المفرد وجمع التكسير، كشيطان، وشياطين، تقول: شيطان الإنس شرّ من شياطين الجنّ؛ فتثبت النون فيهما، ولا يجوز غير ذلك.

  وقولي «مطلقا» أشرت [به] إلى أنها قاعدة عامة لا يستثنى منها شيء، بخلاف القاعدة التي بعدها.

  وكما أن الإضافة تستدعي وجوب حذف التنوين والنون المشبهة له، كذلك تستدعي وجوب تجريد المضاف من التعريف، سواء كان التعريف بعلامة لفظية أم بأمر معنوي: فلا تقول: الغلام زيد، ولا زيد عمرو، مع بقاء زيد على تعريف العلمية، بل يجب أن تجرد الغلام من أل، وأن تعتقد في زيد الشيوع والتنكير، وحينئذ يجوز لك إضافتهما⁣(⁣١)، وهذه هي القاعدة التي تقدمت الإشارة إليها آنفا.

  والذي يستثنى منها مسألة «الضّارب الرّجل» و «الضّارب رأس الرّجل» و «الضّاربا


متعلق بأضاف، وكل مضاف و «حاري» مضاف إليه، «جديد، مشطب» نعتان لكل حاري.

الشّاهد فيه: قوله «أضفنا» فإن معناه أسندنا؛ فيكون معنى الإضافة - التي هي مصدر أضاف - الإسناد، وذلك ظاهر.


(١) وذلك كما في قول الشاعر، وهو من شواهد الأشموني (رقم ١٣٠).

علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم ... بأبيض من ماء الحديد يمان