شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الإضافة المعنوية على ثلاثة أقسام

صفحة 348 - الجزء 1

  ١٦٦ - يا صاح بلّغ ذوي الزّوجات كلّهم ... أن ليس وصل إذ انحلّت عرى الذّنب

  فكلّهم: توكيد لذوي، لا للزوجات، وإلا لقال كلهنّ، وذوي: منصوب على المفعولية، وكان حق «كلهم» النصب، ولكنه خفض لمجاورة المخفوض.

  وأما المعطوف فكقوله تعالى: {إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}⁣[المائدة، ٦]. في قراءة من جر الأرجل لمجاورته للمخفوض وهو الرؤوس، وإنما كان حقه النصب، كما هو في قراء جماعة آخرين، وهو [منصوب] بالعطف على الوجوه والأيدي، وهذا قول جماعة من المفسرين والفقهاء.

  وخالفهم في ذلك المحققون، ورأوا أن الخفض على الجوار لا يحسن في المعطوف؛ لأن حرف العطف حاجز بين الاسمين ومبطل للمجاورة، نعم لا يمتنع في


١٦٦ - هذا بيت من البسيط، ولم أجد أحدا نسب هذا البيت إلى قائل معين.

الإعراب: «يا» حرف نداء «صاح» منادى مرخم، وأصله صاحب، وقيل: أصله صاحبي، «بلغ» فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، «ذوي» مفعول به لبلغ منصوب بالياء نيابة عن الفتحة لأنه جمع مذكر سالم، وذوي مضاف و «الزوجات» مضاف إليه، «كلهم» كل: توكيد لذوي، منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المجاورة، وكل مضاف وضمير الغائبين مضاف إليه، «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف، والتقدير: أنه، أي الحال والشأن، «ليس» فعل ماض ناقص، «وصل» اسم ليس وخبرها محذوف، والجملة من ليس واسمها وخبرها في محل رفع خبر أن، «إذا» ظرفية تضمنت معنى الشرط، «انحلت» انحل: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، «عرى» فاعل انحلت، وعرى مضاف، و «الذنب» مضاف إليه، وجملة انحلت وفاعله في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب إذا محذوف يدل عليه سياق الكلام، وتقدير العبارة: إذا انحلت عرى الذنب فليس وصل موجودا.

الشّاهد فيه: قوله «كلهم» فإن الرواية في هذه الكلمة بجر كل، مع أنها توكيد لذوي المنصوب على المفعولية، والتوكيد يتبع المؤكد في إعرابه، فكان حقه أن ينصب كلّا لذلك، ولكنه لما وقع مجاورا للزوجات المجرور بالإضافة جره لمناسبة الجوار، ويسمى ذلك «الجر بمجاورة المجرور»، أو «الجر للمجاورة» وهو شاذ لا يقاس عليه.