شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الجوازم نوعان:

صفحة 350 - الجزء 1

  ثم قلت: باب - المجزومات الأفعال المضارعة الدّاخل عليها جازم، وهو ضربان: جازم لفعل، وهو: لم، ولمّا، ولام الأمر، ولا في النّهي، وجازم لفعلين، وهو أدوات الشّرط، إن، وإذ ما، لمجرّد التّعليق، وهما حرفان، ومن للعاقل، وما ومهما لغيره، ومتى وأيّان للزّمان، وأين وأنّى وحيثما للمكان، وأيّ بحسب ما تضاف إليه، ويسمّى أوّلهما شرطا، ولا يكون ماضي المعنى، ولا إنشاء، ولا جامدا، ولا مقرونا بتنفيس، ولا قد، ولا ناف غير لا ولم، وثانيهما جوابا وجزاء.

  وأقول: لما أنهيت القول في المجرورات شرعت في المجزومات، وبهذا الباب تتم أنواع المعربات، وبينت أن المجزومات هي الأفعال المضارعة الداخل عليها أداة من هذه الأدوات الخمسة عشر، وأن هذه الأدوات ضربان:

  (١) ما يجزم فعلا واحدا، وهو أربعة: لم، نحو {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}⁣[الصمد، ٣ و ٤] ولمّا، نحو {لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ}⁣[عبس - ٢٣] {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ}⁣[ص - ٨] {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ}⁣[آل عمران - ١٤٢] ولا


وهي الخارجة عما طلب إليها أن تكون عليه، «جوائر» مائلات، وهو جمع جائر أو جائرة.

الإعراب: «يسلكن» فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، ونون الإناث فاعله، «في نجد» جار ومجرور متعلق بيسلك، «وغورا» الواو عاطفة، غورا: معطوف على الجار والمجرور باعتبار محله؛ لأنه في المعنى مفعول به؛ فمحله نصب على المفعولية، «غائرا» صفة لغور، «فواسقا» حال من فاعل يسلك، «عن قصدها» الجار والمجرور متعلق بجوائر، وقصد مضاف والضمير مضاف إليه، «جوائرا» حال ثانية من نون النسوة.

الشّاهد فيه: قوله «غورا» حيث عطف بالنصب على الجار والمجرور، وأنت تعرف أن المعطوف يجب أن يشارك المعطوف عليه في إعرابه؛ فيسهل عليك أن تستدل بنصب المعطوف على أن المعطوف عليه منصوب ألبتة، فإن لم يكن منصوبا في اللفظ تعين أن يكون منصوبا في المحل، والسر في ذلك أن الجار والمجرور عند التحقيق هو مفعول به.

ومثل هذا الشاهد في ذلك قول جرير بن عطية يفخر على الفرزدق:

جئني بمثل بني بدر لقومهم ... أو مثل أسرة منظور بن سيّار

الرواية بنصب «مثل» المعطوف بأو على محل قوله «بمثل».