الرابع: ما يتعدى لواحد، تارة بنفسه، وتارة بالحرف
  ١٧٨ - قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة ... حتّى ألمّت بنا يوما ملمّات
  وقول الآخر:
  ١٧٩ - * زعمتني شيخا ولست بشيخ*
١٧٨ - هذا بيت من البسيط، وقد نسبه صاحب المحكم إلى رجل سماه أبا شنبل الأعرابي، ونسبه ابن هشام إلى تميم بن مقبل وليس في ديوانه ولا في زياداته، وهو من شواهد ابن عقيل (رقم ١٢٥) والمؤلف في أوضحه (رقم ١٧٢).
اللّغة: «أحجو» أراد ههنا معنى أظن، «أخا ثقة» يروى بتنوين أخا ونصب ثقة؛ فهو من الوصف بالمصدر، نظير قوله تعالى: {إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً} ونظير قولهم: زيد عدل ورضى، وقول الخنساء، فإنما هي إقبال وإدبار، ويروى بإضافة «أخا» إلى «ثقة» فأخا منصوب بالألف نيابة عن الفتحة؛ لاستكماله شرط الإعراب بالحروف، «ألمت» نزلت، «ملمات» جمع ملمة، وهي النازلة من نوازل الدهر.
المعنى: لقد كنت أظن أبا عمرو صديقا يركن إليه في الشدائد، ولكني علمت أنه مذق الوداد؛ فقد طوّحته طوائح الدهر فألفيته بعيدا عني، غير آخذ بناصري.
الإعراب: «قد» حرف تحقيق، «كنت» كان: فعل ماض ناقص، وضمير المتكلم اسمه، «أحجو» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة في محل نصب خبر كان، «أبا» مفعول أول لأحجو، وأبا مضاف، و «عمرو» مضاف إليه، «أخا» مفعول ثان لأحجو، ويروى بالتنوين فهو منصوب بالفتحة الظاهرة، ويروى من غير تنوين فهو منصوب بالألف نيابة عن الفتحة، «ثقة» من روى أخا بالتنوين نصبه على أنه صفة له، ومن روى أخا بغير تنوين خفض ثقة بإضافة أخا إليه، «حتى» حرف غاية وجر، «ألمت» ألم: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، «بنا» جار ومجرور متعلق بألم، «يوما» ظرف زمان منصوب على الظرفية وعامله ألم، «ملمات» فاعل ألم، وألم مع ما بعده في تأويل مصدر بأن محذوفة، وهذا المصدر مجرور بحتى، والجار والمجرور متعلق بأحجو.
الشّاهد فيه: قوله «أحجو أبا عمرو أخا ثقة» حيث استعمل الفعل المضارع المأخوذ من حجا بمعنى ظن، ونصب به مفعولين: أحدهما «أبا عمرو» والآخر «أخا ثقة».
واعلم أن العيني | حكى أنه لم ينقل أحد من النحاة أن «حجا يحجو» ينصب مفعولين غير ابن مالك ¦، ثم تبعه مقلدوه وشارحو كلامه ومنهم المؤلف ¦.
١٧٩ - هذا صدر بيت من الخفيف من كلام أبي أمية الحنفي، واسم أبي أمية أوس، وعجز البيت قوله: