لأفعال القلوب ثلاث حالات
  من المغاربة، والظاهر أن المعلّق إنما هو اللام، لا إنّ، إلا أن ابن الخباز حكى في بعض كتبه أنه يجوز «علمت إنّ زيدا قائم» بالكسر مع عدم اللام، وأن ذلك مذهب سيبويه؛ فعلى هذا المعلّق إنّ.
  العاشر: «كم» الخبرية، نصّ على ذلك بعضهم، وحمل عليه قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ}[يس، ٣١] وقدر «كم» خبرية منصوبة بأهلكنا، والجملة سدّت مسدّ مفعولي «يروا»، و «أنهم» بتقدير بأنهم، وكأنه قيل: أهلكناهم بالاستئصال، وهذا الإعراب والمعنى صحيحان، لكن لا يتعين خبرية «كم» بل يجوز أن تكون استفهامية، ويؤيده(١) قراءة ابن مسعود من أهلكنا وجوّز الفراء انتصاب «كم» بيروا، وهو سهو: سواء قدرت خبرية أو استفهامية(٢)، وقال سيبويه: «أنّ» ومعمولاها بدل من «كم» وهذا مشكل؛ لأنه إن قدر «كم» معمولة ليروا لزم ما أوردناه على الفراء من إخراج كم عن صدريتها، وإن قدرها معمولة لأهلكنا لزم تسلّط أهلكنا على أنهم، ولا يصح أن يقال: أهلكنا عدم الرجوع، والذي يصحح قوله عندي أن يكون مراده أنها بدل من كم وما بعدها، فإنّ «يروا» مسلّطة في المعنى على أن وصلتها. فهذه جملة المعلقات.
  والجملة المعلّق عنها العامل في موضع نصب بذلك المعلّق، حتى إنه يجوز لك أن تعطف على محلها بالنصب، قال كثير:
  ١٨٧ - وما كنت أدري قبل عزّة ما البكى ... ولا موجعات القلب حتّى تولّت
الشّاهد فيه: قوله «علم الأقوام - إلخ» حيث وقع الفعل الذي من شأنه أن ينصب مفعولين، وهو علم، قبل «لو» فعلقته عن العمل في لفظ الجملة، على نحو ما قررناه في الشاهد السابق ص ٣٠٨ الماضية.
١٨٧ - هذا بيت من الطويل من كلام كثير بن عبد الرحمن، المعروف بكثير عزة، وهو من
(١) إنما تؤيد قراءة ابن مسعود كون «كم» استفهامية فيما لو تعينت «من» الواقعة في قراءة ابن مسعود موقع «كم» لأن تكون استفهامية، لكن ذلك لا يتعين، بل يجوز أن تكون من موصولة.
(٢) لأن «كم» تستوجب الصدارة؛ فلا يعمل فيها ما قبلها، خبرية كانت أو استفهامية.