الأسماء التي تعمل عمل الفعل عشرة
  وأما قول بعض المحدثين:
فلا يحسب التّمتام أنّي هجوته ... ولكنّني فضّلت أهل المكارم
وانظر الأغاني (١٤ - ٣٨) والكامل للمبرد (١ - ٢٧٠) والعقد الفريد (١ - ٣٣٢).
الإعراب: «لشتان» اللام لام الابتداء، وشتان: اسم فعل ماض بمعنى افترق مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، «ما» اسم موصول فاعل بشتان مبني على السكون في محل رفع، «بين» ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة ما، وبين مضاف و «اليزيدين» مضاف إليه، «في الندى» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل شتان، «يزيد» بدل من اليزيدين، وهو مضاف «سليم» مضاف إليه، «والأغر» معطوف على البدل، «ابن» صفة للأغر، وابن مضاف و «حاتم» مضاف إليه.
الشّاهد فيه: قوله «شتان ما بين ... إلخ» فإن هذا الأسلوب قد أباه الأصمعي وأنكر صحته، ولكن العلماء قبلوا هذا الأسلوب وخرجوه على الذي أعربنا البيت عليه.
ونحن نريد أن نبين لك وجهة نظر الأصمعي، ووجهة نظر غيره من العلماء؛ ليتضح لك الأمر غاية الاتضاح؛ فنقول: إن المعروف عن الأصمعي أنه منع أن يقول القائل «شتان ما بين زيد وعمرو» ولم يؤثر عنه تعليل هذا المنع، وللعلماء في تعليله ثلاثة آراء:
الأول: أن وجه الامتناع من جهة ذكر «بين» وليس من قبل «شتان» وبيانه أن الأصل في «بين» أن تضاف إلى متعدد غير مثنى ولا مجموع، لا تقول: جلست بين الزيدين، ولا جلست بين كرام القوم، ولكن تضيفها إلى متعدد مع التفريق فتقول: جلست بين محمد وعمرو.
وهذا التعليل غير مرضي؛ لأنه مبني على ما ذهب إليه الفراء في «بين» من أنها تضاف إلى متعدد مع التفريق، ولا تضاف إلى متعدد من غير تفريق كالمثنى والمجموع، ونحن إنما نرتضي مذهب الجمهور، وعندهم أن المدار على تعدد ما تضاف إليه «بين» سواء أكان التعدد مع التفريق كالمفردين المعطوف أحدهما على الآخر أم كان التعدد بدون التفريق كالمثنى والجمع وما أشبههما، ويدل لصحة مذهب الجمهور قوله تعالى: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة - ٢٨٥].
والرأي الثاني: أن العلة التي امتنع الأصمعي لأجلها من تجويز هذه العبارة هي أن شتان بكسر النون، وادعى هؤلاء أنه مثنى مرفوع على أنه خبر مقدم، وما زائدة، وبين مبتدأ مؤخر، ويلزم على هذا أن يخبر بالمثنى الذي هو شتان عن المفرد الذي هو بين، ولما كان الإخبار بالمثنى عن المفرد غير جائز وجب أن يمتنع هذا التعبير.
وهذا التعليل أيضا غير مستقيم، لأمور؛ الأول: أن الأفصح في «شتان» فتح النون لا كسرها، والثاني: أنه لا يلزم على كسر النون أن تكون مثنى، بل هي مع كسر النون اسم فعل أيضا، بدليل فتح نونه في اللغة الفصحى.