الأسماء التي تعمل عمل الفعل عشرة
  ٢١٦ - جازيتموني بالوصال قطيعة ... شتّان بين صنيعكم وصنيعي
والرأي الثالث: وهو تعليل المحقق الرضي - أن العلة التي من أجلها منع الأصمعي هذا التعبير هي أن «ما» تحتمل وجهين: الأول أن تكون زائدة، والثاني أن تكون موصولة؛ فلو كانت «ما» زائدة وجب أن يكون «بين» فاعل شتان، ويلزم على هذا أن يكون فاعل شتان واحدا غير متعدد لا مع التفريق ولا مع عدمه، وإن كانت «ما» موصولة كانت هي الفاعل، ويلزم عليه إما المحذور السابق إن اعتبرت «ما» مفردا، وإما أن يكون «بين» مضافا إلى غير متساويين في النسبة لأن مقصود الشاعر أن اليزيدين قد افترقا في صفتين، فأحدهما متصف بالبخل، والآخر متصف بالكرم، كما يدل عليه البيت الذي يليه، والأصل في «بين» أن يضاف إلى متساويين في النسبة، تقول: بيني وبين زيد قرابة.
والجواب على هذا أن نختار أن «ما» موصولة وأنها فاعل شتان، ولنا وجهان في تصحيح الكلام؛ الأول: أن نجعل «ما» عبارة عن المسافة؛ فكأننا قلنا: إن المسافة التي بين اليزيدين بعيدة، والثاني: أن نجعل «ما» عبارة عن صفة الكرم وحدها، وندعي أن لها حدا فائقا بلغ إليه يزيد بن حاتم، وحدا سافلا تعلق به ابن أسيد، وكأننا قلنا: افترق اليزيدان في هذه الصفة.
وقد أطلنا عليك في هذا الموضع لنقربه إليك، فلا تغفل عنه.
ومما ورد فيه هذا الاستعمال قول أبي الأسود الدؤلي:
شتّان ما بيني وبينك؛ إنّني ... على كلّ حال أستقيم وتظلع
وقول البعيث:
وشتّان ما بيني وبين ابن خالد ... أميّة في الرّزق الّذي يتقسّم
وقول الآخر:
وشتّان ما بيني وبين دعاتها ... إذا صرصر العصفور في الرّطب الثّعد
وكثرة هذه الشواهد تقطع لك بعدم صحة الذي ذهب إليه الأصمعي من إنكار استعمال هذا الأسلوب.
٢١٦ - هذا بيت من الكامل، ولم أقف على ما يعين اسم قائل هذا البيت.
الإعراب: «جازيتموني» فعل وفاعل ومفعول أول، «بالوصال» جار ومجرور متعلق بجازى، «قطيعة» مفعول ثان لجازى «شتان» اسم فعل ماض، «بين» فاعل شتان، ولم يرفعه لأنه استكثر أن يخرجه عن حالته التي غلب مجيئه عليها وهي النصب؛ فإن أصله منصوب على الظرفية، وبين مضاف، وصنيع من «صنيعكم» مضاف إليه، وصنيع مضاف وضمير المخاطبين مضاف إليه، «وصنيعي» الواو عاطفة، وما بعده معطوف على ما قبله، وياء المتكلم مضاف إليه، وهذا الإعراب