الأسماء التي تعمل عمل الفعل عشرة
  فلم تستعمله العرب، وقد يخرّج على إضمار «ما» موصولة ببين، وذلك على قول الكوفيين إن الموصول يجوز حذفه(١).
أحد وجهين يمكن تخريج هذا التعبير عليهما، وثانيهما تقدير «ما» موصولة محذوفة تكون فاعل شتان، وبين على هذا ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول؛ فيكون كبيت ربيعة السابق، وحذف الموصول وبقاء صلته مما أجازه الكوفيون والبغداديون والأخفش من البصريين، وارتضاه ابن مالك في التسهيل، وسننشدك شاهدا عليه.
الشّاهد فيه: قوله «شتان بين صنيعكم» حيث أتى فيه الشاعر بأسلوب لم تستعمله العرب - على ما زعم المؤلف - فلا هو ذكر الفاعل المتعدد كالأعشى ومن قبله ولا هو ذكر «ما» قبل «بين» حتى نجعلها موصولة ونحملها على متعدد كما في بيت ربيعة الرقي.
ومثل هذا البيت قول الآخر:
سارت مشرّقة وسرت مغرّبا ... شتّان بين مشرّق ومغرّب
وقول حسان بن ثابت الأنصاري:
وشتّان بينكما في النّدى ... وفي البأس والخير والمنظر
ومثل ذلك أيضا ما رواه أبو زيد في نوادره من قول الشاعر:
شتّان بينهما في كلّ منزلة ... هذا يخاف وهذا يرتجى أبدا
وقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
همّوا ببعد عنك غير تقرّب ... شتّان بين القرب والإبعاد
والشواهد كثيرة على ذلك من كلام العرب المحتج به؛ فلا تبال ما قال المؤلف، فإن من حفظ حجة على من لم يحفظ.
ومما يدلك على صحة ما اخترناه أنك تجد العلماء من أئمة الشعراء قد استعملوا هذا الأسلوب على هذا الوجه، انظر مثلا قول ابن المعتز:
والفكر قبل القول يؤمن زيفه ... شتّان بين رويّة وبديه
(١) ويجوز تخريجه على أن «بين» فاعل شتان، كما ذكرناه في إعراب البيت.
ومما يدل لمذهب الكوفيين الذين جوزوا حذف الموصول وبقاء صلته قول حسان بن ثابت:
أمن يهجو رسول الله منكم ... وينصره ويمدحه سواء
فإن التقدير: ومن ينصره ويمدحه، ضرورة أن الذي يهجوه ليس هو الذي ينصره ويمدحه.