شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الأسماء التي تعمل عمل الفعل عشرة

صفحة 417 - الجزء 1

  (٣) وما سمى به المضارع، نحو: «أوّه» بمعنى أتوجّع، و «أفّ» بمعنى أتضجر، وبعضهم أسقط هذا القسم، وفسّر هذين بتوجعت وتضجرت.

  ومن أحكام اسم الفعل: أنه لا يضاف، كما أن مسماه - وهو الفعل - كذلك. ومن ثمّ قالوا، إذا قلت «بله زيد» و «رويد زيد» بالخفض كانا مصدرين والفتحة فيهما فتحة إعراب، وإذا قلت «بله زيدا» و «رويد زيدا» كانا اسمي فعلين، ومعلوم أن الفتحة فيهما حينئذ فتحة بناء لعدم التنوين.

  ومنها: أن معمولها لا يتقدم عليها؛ لا تقول «زيدا عليك» وخالف في ذلك الكسائي، تمسكا بظاهر قوله تعالى: {كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ}⁣[النساء - ٢٤] وقول الراجز:

  ٢١٧ - * يا أيّها المائح دلوي دونكا*


٢١٧ - هذا بيت من الرجز المشطور، وهو من كلام راجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو بن تميم، ولم يعينه أحد ممن وقفنا على كلامهم، وذكر الشيخ خالد أنه لجارية من بني مازن، وليس بشيء، بل الجارية أنشدته وضمت إليه شيئا، والبيت من شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ٤٦٢) وبعده:

* إنّي رأيت النّاس يحمدونكا*

اللّغة: «المائح» بالهمزة المنقلبة عن الياء - هو الرجل يكون في أسفل البئر ليستقي الماء، فأما الذي يكون في أعلى البئر يجذف الدلو فهو ماتح - بالتاء المثناة من فوق - وهذا من فروق هذه اللغة الواسعة النطاق.

الإعراب: «يا» حرف نداء، «أيها» أيّ: منادى مبني على الضم في محل نصب، وها: حرف تنبيه، «المائح» نعت لأي مرفوع بالضمة الظاهرة، «دلوي» دلو: مفعول به لفعل محذوف يفسره اسم الفعل المذكور بعده، أي: خذ دلوي، ودلو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «دونكا» اسم فعل أمر بمعنى خذ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت، وهو فاعله، وجملة اسم الفعل وفاعله مؤكدة لجملة فعل الأمر وفاعله أو مفسرة للفعل المحذوف العامل في دلوي.

الشّاهد فيه: قوله «دلوي دونكا» حيث إن ظاهره يدل على أن مفعول اسم الفعل يجوز أن يتقدم عليه؛ إذ الظاهر أن «دلوي» مفعول مقدم لقوله «دونكا»، وبهذا الظاهر استدل جماعة من العلماء منهم الكسائي، ووافقه ابن مالك في كتابه التسهيل على جواز أن يعمل اسم الفعل متأخرا في مفعول متقدم عليه، ولكن هذا الظاهر غير مراد، بل الاسم المنصوب المتقدم ليس معمولا لاسم