شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الأسماء التي تعمل عمل الفعل عشرة

صفحة 427 - الجزء 1

  ولم يقل حسنى الثّقلين، ولا حسناهم.

  وعن ابن السراج إيجاب ترك المطابقة، وردّ بقوله سبحانه وتعالى: {إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا}⁣[هود - ٢٧] {وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها}⁣[الأنعام - ١٢٣].

  ثم قلت: ولا يبنى ولا ينقاس هو ولا أفعال التعجّب - وهي: ما أفعله؛ وأفعل به، وفعل - إلّا من فعل، ثلاثيّ، مجرّد لفظا وتقديرا، تامّ، متفاوت المعنى، غير منفيّ، ولا مبنيّ للمفعول.

  وأقول: لا يبنى أفعل التفضيل، ولا ما أفعله وأفعل به وفعل في التعجب، من نحو جلف⁣(⁣١) وكلب وحمار؛ لأنها غير أفعال، وقولهم «ما أجلفه» و «ما أحمره» و «ما أكلبه» خطأ، ولا من نحو دحرج؛ لأنه رباعي، ولا من نحو انطلق واستخرج؛ لأنه وإن كان ثلاثيا لكنه مزيد فيه، ولا من نحو هيف وغيد وحول وسود وحمر وعمي وعرج؛ لأنها وإن كانت ثلاثية مجردة في اللفظ لكنها مزيدة في التقدير؛ إذ أصل حول احولّ وعور اعورّ وغيد اغيدّ، والدليل على ذلك أن عيناتها لم تقلب ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها، فلو لا أن ما قبل عيناتها ساكن في التقدير لوجب فيها القلب المذكور: ولا من نحو كان وظل وبات وصار؛ لأنها غير تامة، ولا من نحو ضرب لأنه مبني للمفعول، ولا من نحو ما قام وما عاج بالدواء؛ لأنه منفي.

  وما سمع مخالفا لشيء مما ذكرنا لم يقس عليه؛ فمن ذلك قولهم «هو ألصّ من فلان»⁣(⁣٢) و «أقمن منه» فبنوه من غير فعل، بل من قولهم: هو لص، وقمن بكذا، وقولهم «ما أتقاه» من اتّقى، و «ما أخصر هذا الكلام» من اختصر؛ وهما ذوا زيادة


(١) الجلف - بكسر الجيم وسكون اللام - الرجل الجافي، وقد أثبت له بعض أهل اللغة فعلا، قال المجد في القاموس: «الجلف الرجل الجافي، وقد جلف كفرح جلفا وجلافة» اه، وعلى ذلك يكون قولهم «ما أجلف زيدا» مثلا - بمعنى ما أجفاه وما أغلظه - قياسيا لا شاذا ولا خطأ كما قال المؤلف، فافهم ذلك.

(٢) قالوا «هو ألص من شظاظ» وشظاظ: بزنة كتاب، وهو اسم رجل يضرب به المثل في اللصوصية.