شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

التوابع خمسة:

صفحة 443 - الجزء 1

  الجملة المخبر بها عن رابط، وإلا إذا امتنع إحلاله محلّ المتبوع، ولذلك أمثلة كثيرة منها قولك «يا زيد الحارث» فهذا من باب البيان، وليس من باب البدل؛ لأن البدل في نية الإحلال محلّ المبدل منه، إذ لو قيل «يا الحارث» لم يجز، لأن «يا» و «أل» لا يجتمعان هنا⁣(⁣١)، ومنها قول الشاعر:

  ٢٣٠ - أنا ابن التّارك البكريّ بشر ... عليه الطّير ترقبه وقوعا

  ف «بشر» عطف بيان على «البكريّ» وليس بدلا؛ لامتناع «أنا ابن التّارك بشر»؛


٢٣٠ - هذا بيت من الوافر من كلام المرار بن سعيد بن نضلة بن الأشتر الفقعسي، من كلام يفتخر فيه بأن جده خالد بن نضلة قتل بشر بن عمرو بن مرثد البكري، وبشر هذا هو زوج الخرنق أخت طرفة بن العبد البكري الشاعر المشهور صاحب المعلقة، وكان مقتل بشر في يوم الكلاب، وبيت الشاهد من شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ٤١١) وفي القطر (رقم ١٣٨) كما استشهد به ابن عقيل (رقم ٢٨٥).

الإعراب: «أنا» ضمير منفصل مبتدأ، «ابن» خبر المبتدأ، وابن مضاف و «التارك» مضاف إليه، والتارك مضاف و «البكري» مضاف إليه، «بشر» عطف بيان على البكري، «عليه» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، «الطير» مبتدأ مؤخر، «ترقبه» ترقب: فعل مضارع، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هي يعود إلى الطير، وهذا الضمير هو فاعله، والضمير البارز المتصل العائد إلى بشر مفعول به، «وقوعا» حال من الضمير المستتر في ترقبه الذي هو فاعل، والذي هو عائد إلى الطير.

الشّاهد فيه: قوله «التارك البكري بشر» فإن قوله «بشر» عطف بيان على قوله: «البكري»، ولا يجوز أن يكون بدلا منه؛ لأن البدل على نية تكرار العامل فكان ينبغي لأجل صحة كونه بدلا أن يجوز لك أن تدخل العامل في المبدل منه - وهو قوله التارك هنا - على البدل، فتقول: أنا ابن التارك بشر، بإضافة التارك إلى بشر، كما كان مضافا إلى «البكري»، ويلزم على ذلك محذور لا يرتضيه أكثر العلماء، وهو إضافة الاسم المحلى بأل إلى اسم خال منها ومن الإضافة إلى المحلى بها أو إلى ضميره، وذلك لا يجوز، على ما تقدم لك في باب الإضافة، نعم قد جوز الفراء إضافة الوصف المفرد المقترن بأل إلى العلم؛ فعلى مذهبه يجوز أن يكون «بشر» في هذا البيت بدلا، ولكن هذا المذهب غير مقبول عند جمهور العلماء، ومذهب الجمهور هو الذي جرى عليه المؤلف.


(١) إنما يجوز اجتماع «يا» و «أل» في موضعين: أحدهما اسم الله تعالى، تقول: «يا الله» وثانيهما: ما سمي به من الجمل الاسمية، تقول «يا المنطلق زيد» لمن سميته بذلك.