شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

للكلام في اللغة ثلاثة معان

صفحة 52 - الجزء 1

  فعلية في موضع رفع على أنها خبر.

  والثاني: ما في النفس مما يعبّر عنه باللفظ المفيد، وذلك كأن يقوم بنفسك معنى «قام زيد» أو «قعد عمرو» ونحو ذلك؛ فيسمى ذلك الذي تخيّلته كلاما؛ قال الأخطل:

  ٩ - لا يعجبنّك من خطيب خطبة ... حتّى يكون مع الكلام أصيلا

  إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما ... جعل اللّسان على الفؤاد دليلا


الإعراب: «قالوا»: قال: فعل ماض، وواو الجماعة فاعله «كلامك» كلام: مبتدأ، والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه، من إضافة اسم المصدر إلى فاعله، مبني على الفتح في محل جر بالإضافة، وله محل آخر وهو الرفع بالفاعلية «هندا» مفعول به لاسم المصدر، منصوب بالفتحة الظاهرة «وهي» الواو واو الحال، وهي: ضمير منفصل مبتدأ «مصغية» خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب حال من هند، «يشفيك» يشفي: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه عائد إلى كلام في أول البيت، والكاف ضمير المخاطب مفعول به، وجملة الفعل المضارع وفاعله ومفعوله في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو كلام، وجملة هذا المبتدأ وخبره في محل نصب مقول القول «قلت» فعل وفاعل «صحيح» خبر مقدم «ذاك» ذا: اسم إشارة مبتدأ مؤخر، والكاف حرف خطاب، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب مقول القول «لو» حرف امتناع لامتناع «كان» فعل ماض تام معناه حصل، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذاك، وجواب لو محذوف يدل عليه الكلام، والتقدير: لو حصل ذلك لشفاني، أو تجعل لو حرف تمنّ ولا جواب لها.

الشّاهد فيه: قوله «كلامك هندا» فإن «كلام» هنا بمعنى الحدث الذي هو التكليم والحدث الذي هو بمعناه مصدر، والمصدر يعمل عمل الفعل فيرفع الفاعل وينصب المفعول إن كان متعديا، ولذلك عمل «كلام» نفس هذا العمل حين أشبهه في المعنى، فرفع الفاعل وهو ضمير المخاطب، ونصب المفعول وهو «هندا» وفي هذا المقدار ما يكفي.

٩ - هذان بيتان من بحر الكامل، والبيتان للأخطل، كما قال المؤلف، وقد ذكر قوم أنهما لا يوجدان في ديوان شعره، وقد بحثت ديوان شعر الأخطل فلم أجدهما فيه، ووجدتهما في زياداته نقلا عن مثل هذا الكتاب (انظر شعر الأخطل ص ٥٠٨ بيروت)، والأخطل اسمه غياث بن غوث بن الصلت، أحد بني جشم بن بكر، ثم أحد بني تغلب، وكنيته أبو مالك، وهو شاعر فحل من شعراء الدولة الأموية، وكان نصرانيّا.