شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثالث: الأسماء الستة

صفحة 68 - الجزء 1

  ولو أضيفت هذه الأسماء إلى ياء المتكلم كسرت أواخرها لمناسبة الياء، وكان إعرابها بحركات مقدّرة قبل الياء؛ تقول: «هذا أبي» و «رأيت أبي» و «مررت بأبي» فتقدّر حركات الإعراب قبل ياء المتكلم، كما تفعل ذلك في نحو: «غلامي».

  وقد تكون في الموضع الواحد محتملة لوجهين أو أوجه:

  فالأول كقوله تعالى: {إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}⁣[ص، ٢٣] فيحتمل (أخي) وجهين؛ أحدهما: أن يكون بدلا من (هذا) فيكون منصوبا؛ لأن البدل يتبع المبدل منه، فكأنه قال: إن أخي، والثاني: أن يكون خبرا؛ فيكون مرفوعا، وجملة {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} خبر ثان على الوجه الثاني، وهو الخبر على الوجه الأول.

  والثاني كقوله تعالى: {رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي}⁣[المائدة - ٣٥] فيحتمل (أخي) ثلاثة أوجه:

  أحدهما: أن يكون مرفوعا، وذلك من ثلاثة أوجه: أحدهما أن يكون عطفا على الضمير في (أملك) ذكره الزمخشري، وفيه نظر؛ لأن المضارع المبدوء بالهمزة لا يرفع الاسم الظاهر، لا تقول «أقوم زيد» فكذلك لا يعطف الاسم الظاهر على الاسم المرفوع به⁣(⁣١).

  فإن قلت: وأيضا فكيف يعطف على الضمير المرفوع المتصل ولم يوجد تأكيد كما في قوله تعالى: {لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}⁣[الأنبياء - ٥٤]؟.

  قلت: الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه يقوم مقام التأكيد.

  الثاني: أن يكون عطفا على محل «إنّ» واسمها، والتقدير: وأخى كذلك.

  والثالث: أن يكون مبتدأ حذف خبره، والتقدير: وأخى كذلك.

  والفرق بين الوجهين أن المعطوف في الوجه الثاني مفردان على مفردين، كما تقول: إن زيدا منطلق وعمرا ذاهب، وفي الوجه الثالث جملة على جملة، كما تقول:

  إن زيدا منطلق وعمرو ذاهب.

  الثاني: أن يكون منصوبا، وذلك من وجهين؛ أحدهما: أن يكون معطوفا على


(١) قد يقال: إنه يغتفر في الثواني والتوابع ما لا يغتفر في الأوائل والمتبوعات؛ فيصح قول الزمخشري على هذا.