الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[تفسير قوله تعالى: {ثاني اثنين ...} الآية، ومعنى الصحبة]

صفحة 152 - الجزء 1

  وقد كان في أصحاب رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ منافقون، وقد سمَّاهم النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أصحاباً؛ منهم: عبد الله بن أبي بن سلول صاحب الإفك، وقد كان بعض أصحاب رسول الله ÷ أشار عليه أن يقتله فكره ذلك # وقال: «أخاف أن يقول الناس: إنّ محمَّداً يقتل أصحابه»⁣(⁣١).

  وأما قوله: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}⁣[التوبة: ٤٠]؛ فقل لهم: إن كان النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ هو الذي حزن فنهاه أبو بكر عن الحزن فما كان ينبغي لأبي بكر أن ينهى النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ عن شيءٍ فعله؛ لأنه أعلم من أبي بكر بما فعل، وهو الآمر والناهي لأبي بكر وغيره.

  وإن كان أبو بكر هو الذي حزن فما الذي أحزنه وهو مع النبي ÷، وهو يعلم أن الله وملائكته معهما؟!

  فما نهاه رسول الله ÷ إلا عن معصية، فقد كان ينبغي له أن يتأسَّى برسول الله ÷؛ مع أن آخر الآية تدل على ذم أبي بكر، قوله تبارك وتعالى: {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا}⁣[التوبة: ٤٠] يريد بذلك نبيه عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، ولم يقل: فأنزل الله سكينته عليهما كما سماهما {اثْنَيْنِ} فيجعلهما شريكين في السكينة كما أشرك بينهما في الاسمين، وكما أشرك بين المؤمنين في السكينة مع رسوله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ وأشركهم في السكينة مع رسوله، وأفرد رسوله بالسكينة في الغار، ولم يسم معه أحداً.

  وقد علمت الأُمَّة أن علي بن أبي طالب ثبت معه بحُنين ولم يزل عنه، وأنه شريك في السكينة والنفر الذين وقفوا معه.


(١) تفسير الطبري: ٢٨/ ١١٢، تفسير ابن كثير: ١/ ٤٩، صحيح مسلم: ٤/ ١٩٩٨، سنن الترمذي: ٥/ ٤١٧، فتح الباري لابن حجر العسقلاني: ٢/ ١٢٧، مصنف عبد الرزاق بن همام الصنعاني: ٩/ ٤٦٩، مجمع الزوائد للهثمي: ١/ ١٠٩ و ٦/ ٢٣١.