الشبهة الثانية: حول ادعاء تتلمذ الإمام زيد على واصل بن عطاء
  وأما الإمام الهادي # فكيف يأخذ عن أبي القاسم البلخي، والهادي # ولد بالرس من بلاد الحجاز ونشأ بها، ثم خرج منها إلى اليمن، وأبو القاسم البلخي كان مقيماً ببلخ، شتان ما بينهما في كل شيء.
  مع أن الإمام الهادي # تبرأ من المعتزلة، فكيف يأخذ عنهم؟!.
  ثالثاً: لو قلنا بأنهم أخذوا عمن ذكروا لما كان ذلك دليل على أنهم أخذوا أصول مذهبهم عن المعتزلة، لأنهم لم يأخذوا ذلك عنهم بداية، وقبل أن يأخذوا عن أحد، فقد أخذوا قبل ذلك - لو صح أنهم أخذوا عنهم - عن آبائهم، وعلموا علم قادتهم وأئمتهم من أهل البيت $.
  وأيضاً: لو صح أخذهم عنهم، فإنما أخذوا كي يقفوا على أقوال المعتزلة من ألسنة علمائها، ويعلموا أصولها من منبعها، حتى يردوا عليهم، ويتبين لهم خطأهم، فإن الكثير من العلماء يأخذ عن المخالفين لا لأجل أن يقتدي بهم، وينتهج نهجهم، بل لأجل أن يعرف زيفهم وخطأهم من عند ذات أنفسهم.
  وأيضاً: لو صح أنهم أخذوا عنهم، فليس ذلك بقادح فيهم، ولا مضعف لمذهبهم، لأن الأصول التي اتفقت فيها المعتزلة مع الزيدية أدلتها منيرة، وحججها كثيرة، وليست بأقوال ضعيفة أو واهية حتى يقال بأن الزيدية أخذت عنهم - لو صح ذلك القول - الأقوال الضعيفة المخالفة للكتاب والسنة وأدلة العقول، بل الكتاب والسنة وأدلة العقول، نطقت بصحة تلك الأصول، وقضت بأحقيتها وصوابها، وبطلان وخطأ غيرها مما خالفها وناقضها.