الروضة الندية في حقيقة الزيدية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

المسلك الثاني: في بيان عقائد الزيدية

صفحة 46 - الجزء 1

  فلو كان جائزاً أن يُدْرِكَهُ مُدْرِكٌ، أو يُبْصِرَهُ مُبْصِرٌ في أيِّ حالٍ ما نزل بهم ما نزل، وهذا معلوم لمن عقل.

  خامساً: أن موسى # لما أغمي عليه، وأفاق من الصاعقة، سارع مبادراً إلى الإعتذار إلى الله تعالى، والتوبة كما حكى الله ذلك عنه في قوله {فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ١٤٣}⁣[الأعراف]، وفي هذا الكلام دليل على أن الله لا يرى من وجوه:

  ١ - قوله سبحانك: فمعناه التنزيه والتقديس لله تعالى عن الرؤية التي سألها قومه.

  ٢ - قوله تبت إليك: إشارة إلى أنه أخطأ في ذلك السؤال مع علمه بأن الله تعالى لا يرى ولا تجوز عليه الرؤية، وكانت تلك التوبة هي بسبب أنه سأل الله بدون أن يستأذنه، فعاتبه الله على ذلك.

  ٣ - قوله وأنا أول المؤمنين: أي من قومي بأنك لا ترى، ولا تجوز عليك الرؤية.

  سادساً: أن الله تعالى لم يذكر الرؤية في القرآن الكريم إلا واستعظمها وأنكر على من طلبها، كقوله تعالى {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ٥٥}⁣[البقرة]، وقوله تعالى {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا ١٥٣}⁣[النساء]، وقوله تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ٢١}⁣[الفرقان].