الفصل السادس: في الإمامة
  اهتمام، لأن الإمامة فوائدها على الرعية أعظم من فوائدها على القائم بها، فلهذا وذاك اشترطت الزيدية في من يقوم بالإمامة شرائط، وهي كالتالي:
  الأول: أن يكون عاقلاً بالغاً، لأن الصغير لا ولاية لهما في أنفسهما فضلاً عن غيرهما.
  الثاني: أن يكون ذكراً، لأن الأنثى يتعذر عليها التصرف في أمور الأمة ويتعسر، فإنها كيف تتمكن من تجييش الجيوش، والوقوف في مواقف الحروب، ومباشرة أحوال الناس، لأن المرأة مأخوذ عليها من التستر ما يمنع من قيامها بهذا الشأن، ولأن المرأة مولى عليها في النكاح فلا يصح أن تلي على غيرها، ولأنها لا هيبة لها.
  الثالث: أن يكون حراً، لأن العبد مملوك في التصرف، ولأن قيامه بأمر الإمامة يؤدي إلى فوت المنافع التي هي ملك سيده.
  والرابع: أن يكون عالماً، لأن الغرض الذي نصب له الإمام لا يتم إلا بالعلم، ثم لا يكفي أن يكون عالماً بل لا بد أن يكون مجتهداً.
  الخامس: أن يكون ورعاً اتفاقاً، لأنه ما لم يكن كذلك فلا يوثق به على حفظ أموال المسلمين ودمائهم وحفظ الأوقاف، فلا يؤمن أن يخل بإنفاذ ما نصب لإنفاذه، فإن الورع كما يعتبر في الترك يعتبر في الفعل.
  السادس: أن يكون شجاعاً، والمراد أن يكون له من رباطة الجأش ما يتمكن معه من تجييش الجيوش، والوقوف في الصفوف، وتعبئة العساكر، والوقوف معهم، وحثهم على القتال، وحسن التدبير عند فشل القلوب، لأنه إذا لم يكن كذلك لا يؤمن أن يهرب عند الصدام فيهلك الناس، فيكون في ذلك وهناً في