الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 100 - الجزء 1

  الجهة الثانية: إذا تعارض الجرح والتعديل فقد اختلف فيه على ثلاثة أقوال أيضًا:

  فقيل: لا يُرجَّحُ أحدهما على الآخر إلا بمُرَجِّح⁣(⁣١).

  وقيل: يُقدَّمُ التعديل إذا زاد⁣(⁣٢) المُعدِّلون على الجارحين.

  (و) القول الثالث - وهو المختار -: أن (الجارح أولى) بأن يُعمَل بقوله؛ فتُرَدُّ رواية المجروح وشهادته (وإن كثر(⁣٣) المعدِّل)، أو حصل فيه مرجح آخر؛ وذلك لأن في تقديم الجرح جمعًا بين التعديل والجرح، فإن غاية قول المعدِّل: إنه لم يعلم فسقًا ولم يظنه، فظنَّ العدالةَ؛ إذ العلم بالعدم لا يُتصور، والجارح يقول: أنا أعلم فسقه. فلو حكمنا بعدم فسقه كان الجارح كاذبًا، ولو حكمنا بفسقه كانا صادقين فيما أخبرا به؛ والجمع أولى ما أمكن؛ لأن تكذيب العدل خلاف الظاهر. وهذا إذا⁣(⁣٤) أطلقا.

  وأما إذا عيَّن الجارح سببًا ونفاه المعدِّل بطريق معتبرة، كما إذا قال الجارح: قتل فلانًا ظلمًا، وقت كذا، في مكان كذا، فقال المعدل: رأيته حيًّا بعد ذلك الوقت، أو كان القاتل ذلك الوقت عندي، أو في غير ذلك المكان الذي ادعى أنه قتله فيه - فإنهما يتعارضان⁣(⁣٥)، فيرجع إلى الترجيح⁣(⁣٦) بين الخبرين⁣(⁣٧). فإن حصل


(١) من خارج، وهو ظاهر إطلاق والدنا أمير المؤمنين المنصور بالله القاسم بن محمد قدس الله روحه؛ لأنه قال: فإن تعارض الجرح والتعديل فالترجيح بما يظهر رجحانه؛ لقوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٦ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ...}⁣[الزمر]. ح غ.

(٢) لا إن استويا، أو كان الجارح أكثر، فكالقول الأول. ح غ.

(٣) أما إذا كان الجارح أكثر فإنه يقدم بالإجماع، ذكره في الفصول. لأنه إخبار عن تحقيق حال الشاهد، والتعديل خبر عن ظاهر حاله. حاشية على الفصول.

(٤) وكان مذهبهما واحدًا في أسباب الجرح والتعديل. فواصل.

(*) أو عيَّن الجارح السبب ولم ينفهِ المعدل، أو نفاه لا بيقين. ح غ.

(٥) لعدم إمكان الجمع المذكور. ح غ.

(٦) بأمر خارج. شرح غاية. والترجيح بكثرة العدد، وشدة الورع، والتحفظ. أصفهاني على المنتهى.

(٧) هذا كلام أهل الأصول، واختاره الإمام المهدي # في المنهاج. وأما كلام أهل الفروع فيجب العمل بالمحققة الناقلة. منه. قوله: «المحققة» مثال المحققة: أن الدابة والولد إذا تنازعه اثنان، وهو في يد غيرهما، وأقام أحدهما البينة أنها ملكه، وأقام الآخر البينة أنها نُتِجَتْ عنده، فبينةُ الولادة والنتاج أولى؛ لأن بينة الإرث مبقية على حكم الأصل، وبينة الشراء ناقلة.