[الدليل الثاني: السنة]
  وأما إذا خالف غيره: فإن كان آحاديًّا مثلَهُ قُبِل، وتعارضا، ورُجِع إلى الترجيح. وإن كان غير آحادي فإنه يُرد. هذا هو المراد هنا.
  قوله: «المقررة» وهي: كلُّ ما أفاد العلم من الأدلة العقلية، والنصوص النقليَّة، من الكتاب، والسنة المتواترة(١)، والإجماع القطعي؛ وذلك لأن الظنَّ مضمحلٌّ في مقابلةِ القاطع(٢). وقد قيل(٣) بقبوله.
  (و) اعلم أنها (تجوز الرواية) لحديث الرسول ÷ (بالمعنى) أي: بلفظ آخر غير لفظه، ولكن ذلك لا يجوز إلا إذا كانت الرواية (من عدل(٤) عارف) بمعاني الألفاظ، (ضابط) بحيث لا يزيد على ما يقتضيه اللفظ ولا ينقص، ولكن الرواية بصورة اللفظ أولى(٥) مهما أمكن. هذا هو المختار عند الأكثر.
  وقيل(٦): لا تجوز الرواية إلا باللفظ الذي نطق به ÷؛ لقوله ÷: «رحم الله امرأ(٧) سمع مقالتي فوعاها وأدَّاها كما سمعها». والناقل بالمعنى لم يؤدِّ كما سمع.
  قلنا: ليس في هذا ما يدل على منع الرواية بالمعنى، وإنما يدل على أن الرواية باللفظ أولى، وذلك مما نقول به(٨). والدليل على ما اخترناه أمران:
(١) أو المعلومة؛ كالمتلقى بالقبول. ف وح. للسيد.
(٢) (فإن أمكن حمله) أي: الآحادي (على تخصيصه) كخبر فاطمة بنت قيس (قبل) ذلك الخبر المخصص؛ إذ لا رفع به للقاطع، بل بيان أنه أريد به كذا (إن كان) ما تدل عليه الأصول (عمليًّا اتفاقًا لا إذا كان) ما تدل عليه الأصول (علميًّا) أي: راجعًا إلى العلم والاعتقاد، فلا يجوز تخصيصه بالآحادي (على المختار) من القولين. فصول وشرحه مع بعض تصرف.
(٣) القائل الظاهرية. فصول. قيل الظاهرية يقولون: إن الآحادي إذا أفاد العلم فإنه ينسخ القاطع، وأما نسخ القاطع بالظني فما عهد مهم. من خط البرطي.
(٤) قيد العدالة مستغنىً عنه، وقد وجد في بعض النسخ؛ إذ قد مر اشتراطها. ح. حا.
(٥) لقوله ÷: «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».
(٦) ابن عمر، وابن سيرين.
(٧) لفظ الحديث: «نضر الله امرءًا»، أي: حسَّنَ.
(٨) ويمكن أيضا أن يقال بالموجب، فإن من نقل المعنى أداه كما سمعه؛ ولذلك يقول المترجم: أديته كما سمعته. عضد.