الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 106 - الجزء 1

  الأول: أن المقصود بالخطاب هو تأدية المعنى دون اللفظ فيما لم نتعبد بتلاوته، كالسنة - مثلا -، بخلاف القرآن⁣(⁣١)، وإذا كان كذلك جازت الرواية بالمعنى مع الضبط، وهذا لا إشكال فيه.

  الثاني: أن الصحابة كانوا ينقلون الواقعة الواحدة بألفاظ مختلفة، والذي نطق به ÷ لفظ واحد⁣(⁣٢)، والثاني نقل بالمعنى قطعًا، وتكرر ذلك، وشاع وذاع، ولم ينكره أحد، فكان إجماعًا على جوازه⁣(⁣٣).

  قيل: وأيضًا فإن الصحابة ¤ ما كانوا يكتبون الأحاديث ولا يكرِّرون الدرس، بل يروونها بعد أزمان طويلة على حسب الحادثة، وذلك موجب لنسيان اللفظ قطعًا.

  قلت: وهذه الحجة تدل على أن أكثر الأحاديث المروية عنه ÷ إنما هي بالمعنى، فتأمل ذلك موفقًا إن شاء الله تعالى.

  (واختلف(⁣٤) في قبول رواية فاسق التأويل(⁣٥)) وهو الباغي على إمام الحق،


(١) وكذا فيما تعبدنا بألفاظه؛ كالأذان، والتشهد، والتكبير، والتسليم.

(٢) فيما لم يقله ÷ إلا مرة؛ أما ما صدر عنه من الأخبار أكثر من مرة فيحتمل أن يختلف لفظه ÷ باختلاف وقت القول.

(٣) وأيضًا قد أجمع على جواز تفسيره بالعجمية، فتفسيره بالعربية أولى بالجواز؛ لأنه أقرب نظمًا، وأوفى بمقصود تلك اللغة من لغة أخرى. ح. حا.

(*) ولنا أيضًا ما روي عن ابن مسعود وغيره، أنهم قالوا: قال رسول الله ÷ كذا أو نحوه، وذلك تصريح بعدم ذكر اللفظ، وأن المروي هو المعنى، ولم ينكر عليهم احد، فكان إجماعًا. قسطاس.

(٤) والمختار: القبول؛ للإجماع من الصحابة، قال صاحب القسطاس: وقد يقال: لا نسلم القبول إجماعا، وإن سلمنا، فلا نسلم الإجماع على أن ذلك فسقُ تأويلٍ حتى يلزم الإجماع على قبول رواية فاسق التأويل؛ فإن كثيرا منهم كان يعد ذلك من المسائل الاجتهادية، وأنت تعلم أن التفسيق منها على مراحل. ح. حا.

(٥) وهو من أتى من أهل القبلة بما يوجب الفسق غير متعمد، كالبغاة. شرح غاية.

(*) فعند بعض أئمتنا، وأبي الحسين، والقاضي، والغزالي، وأكثر الفقهاء: أنه يقبل، وعند بعض أئمتنا، ومالك، والشيخين، والباقلاني: لا يقبل، وتوقف أبو طالب. ومنهم من فرَّقَ بين الكافر والفاسق، فقال: يقبل الفاسق، دون الكافر. ح. حا.