[الدليل الثاني: السنة]
  ومنها: أن يقول: «أُمِرنا بكذا، أُو: «نُهِينا(١)»، على البناء للمفعول(٢).
  وهذه دون ما قبلها ولكنها حجة؛ لأنها تحمل على أن الآمر الرسول ÷؛ لأمرين:
  الأول: أن المختص بِمَلِكٍ إذا قال ذلك فُهِمَ منه أن الآمرَ المَلِكُ(٣) لا غيره.
  الثاني: أن غرضَ الصحابي بإيراد ذلك الاحتجاجُ على من خالفه، ولا يكون حجة إلا إذا كان من الرسول الله ÷.
  لا يقال: بل قد يكون حجة إذا كان الآمرُ الكتابَ أو أهلَ الإجماع لأنا نقول: لا يصح حمله على ذلك. أما الأول - أعني كون الآمر الكتاب - فلأنه ظاهر لكل أحدٍ، لا يتوقف على إخبار الصحابي، فيكون معلومًا للجميع، فلا يفيد الإخبار بذلك فائدة جديدة.
  وأما الثاني - أعني كون الآمر أهل الإجماع - فلأن الصحابي منهم(٤)، وهو لا يأمر نفسه؛ ولأن الإجماع - أيضًا - يظهر في كلِّ أحدٍ على حدِّ ظهور القرآن.
  وإنما كانت هذه دون ما قبلها؛ لأن فيها الاحتمالات المتقدمة، مع ما ذكرنا من احتمال أن يكون الآمر الكتاب أو الإجماع، وما قلَّ احتماله فهو أقوى.
= على هذا يرجع إلى القول الثاني، وأن يريد بالدليل ما يحصل عنده العلم أو الظن من أخبار الآحاد، فهو على هذا يرجع إلى كلام المنصور بالله؛ وأصح الأقوال ما ذكره المنصور بالله. قسطاس.
(١) أو: «أوجِبَ»، أو: «حُرِّمَ»، أو: «أبِيحَ كذا». قسطاس.
(٢) وإن لم يُضفْ إلى نفسه.
(*) عبارة القسطاس: وبالجملة يبين شيئًا من الأحكام بصيغة ما لم يسمَّ فاعله.
(٣) عبارة القسطاس: يتبادر أمر ذلك المَلِك ونهيه وإن كان محتملا صدوره من الغير بحسب لفظه.
(٤) قد يقال: يجوز ألَّا يكون الصحابي من أهل الإجماع، كأن يكون - مثلا - غير مجتهد. من السيد محمد بن إبراهيم. والأولى في الجواب أن يقال: الظاهر المتبادر من قول الصحابي: «أُمِرنا»، أن الأمر من النبيء ÷؛ لأنه لا يقول هذا اللفظ والآمر الإجماع؛ بل يصرح بإجماع الصحابة، أو نحو ذلك، عُلم هذا بالتتبع، وهذا الاحتمال فرع عن الاستعمال ولو مرة، ولم يثبت، وكذا القول إذا كان الآمر الكتاب؛ فإنا تتبعنا أقوال الصحابة فوجدناهم لا يطلقون لفظ «أمِرنا» إلا والأمر من السنة، وإذا كان من الكتاب يصرحون بِـ: «قال الله»، ونحوه، وأما ما ذكره الشارح من قوله: «إنه ظاهر لكل أحد»، فهو دعوى مجردة. إفادة سيدي محمد الكبسي.