فائدة
  (وحدهم؛ إذ هم بعض الأمة) والأدلة إنما تناولت كل الأمة.
  وروي عن مالك: أنه حجة(١). فقيل: على جهة التعميم.
  وقيل: بل مراده أن روايتهم مقدمة على رواية غيرهم.
  وقيل: بل مراده أن إجماعهم(٢) حجة في المنقولات المستمرة(٣)، كالأذان والإقامة(٤). وهذه التأويلات من أصحاب مالك لَمَّا استضعفوا هذه المقالة. وفي كلها بُعْدٌ لا يخفى على المتأمل، والله أعلم.
  احتج مالك بقوله ÷: «إن المدينة طيبة تنفي خبثها(٥) كما ينفي الكير خبث الحديد»، والباطل خبث فينتفي عنها.
  والجواب: أن هذا دليل على فضلها؛ لِما عُلم من وجود الباطل فيها، كالفسق والمعاصي، ولا يدل ذلك على انتفاء الخطأ عما اتفق عليه أهلها(٦) بخصوصه، فلا يدل على أن إجماع أهلها حجة.
  [قال] ابن الحاجب(٧): العادة تقضي بأن مثل هذا الجمع المختص من العلماء
(١) قال الأسنوي: إذا كانوا صحابة أو تابعين، كما نبه عليه ابن الحاجب. حاشية فصول.
(٢) عبارة مختصر المنتهى: مسألة: إجماع أهل المدينة من الصحابة والتابعين حجة عند مالك، وقيل: محمول على أن روايتهم مقدمة، وقيل: على المنقولات المستمرة كالأذان والإقامة، والصحيح التعميم. قوله: «والصحيح التعميم»، أي: أن مذهب مالك أن إجماع أهل المدينة - سواء كان على المنقولات المستمرة، أو غيرها - حجة. ح أصفهاني على مختصر المنتهى.
(٣) أي: المتكرر وقوعها. أصفهاني على المختصر.
(٤) حتى إنهم لو أجمعوا على أن الإقامة فرادى كان حجة، ولو أجمعوا على ما لا يتكرر لا يكون حجة. أصفهاني على مختصر المنتهى.
(٥) قوله: «تنقي خبثها» بالقاف، والمشهور بالفاء. فإن كانت القاف مخففة فهو من إخراج المخ، أي: تستخرج خبثها، وإن كان مشددة فهو من التنقية، وهي إخراج الجيد من الرديء. نهاية.
(٦) وإلا لزم في غيرها من سائر البقاع التي رويت في فضلها أخبار. شرح غاية.
(٧) عبارة مختصر المنتهى: لنا: أن العادة تقضي بأن مثل هذا الجمع المنحصر من العلماء الأحقين بالاجتهاد لا يجمعون إلا عن راجح، قال شارحه الأصفهاني: أقول: احتج المصنف على أن إجماع أهل المدينة وحدها حجة على التعميم بأن العادة تقضي بأن مثل هذا الجمع من العلماء المنحصرين، أي: غير المنتشرين[٠] في الأقطار، الأحقين بالاجتهاد، أي: بدرك الاجتهاد بسبب مشاهدتهم التنزيل، وسماعهم التأويل، وعرفانهم بأحوال الرسول ÷، لا يجمعون على حكم من الأحكام إلا عن =