فائدة
  الثاني: عدم ظهور سبب التَّقِيَّة(١) حتى يعلم أن سكوتهم ليس لأجلها(٢)، وإلا لم يكن رضًا.
  الثالث: كونه مما الحق فيه مع واحد(٣)، والمخالف مُخطئٌ آثم، وذلك كالمسائل القطعية، وكذلك المسائل الاجتهادية عند من يقول: إن الحقَّ فيها مع واحد. وأما من يقول: كلُّ مجتهدٍ مصيبٌ(٤) فالحق أنه حجة ظنية(٥) أيضًا، كالخبر الآحادي إذا اجتمعت فيه الشروط؛ إذ العادة تقضي مع الانتشار وعدم التقية أن ينكره المخالف ويظهر حجته، فيغلب في الظن - حينئذ - أن سكوتهم سكوت رضًا(٦).
(١) فعلى هذا يتضح عدم إجماع الصحابة على إمامة المشائخ؛ إذ سبب التقية ظاهر، فتأمل.
(٢) فإن كان لسكوتهم محمل غير الرضا، كإمامة الثلاثة، لم يكن إجماعًا ولا حجة؛ فسكوت الصحابة عنها لخشية الفرقة التي تعود على الإسلام، وكالسكوت عن النكير في بيعة معاوية؛ إذ هو للتقية، فلا يدل على الرضا. ح. حا.
(٣) كالقياس حيث عمل به بعض الصحابة وسكت الباقون؛ فمثل ذلك يكون إجماعًا وحجة، بناء على القطع بأن السكوت رضا فيما ذلك حاله. حا.
(٤) فليس بحجة بعد استقرار المذاهب؛ إذ لا عادة بإنكاره. ح. حا. وإن كان قول البعض به وسكوت البعض قبل تقرر المذهب فالمختار - وبه قال الإمام أحمد بن سليمان، والمهدي، وأبو هاشم، وأبو الحسن الكرخي، والآمدي، وابن الحاجب، وهو الظاهر من كلام الإمام الهادي #، والمؤيد بالله أحمد بن الحسين - أنه حجة ظنية، يحتج بها كسائر الظنيات؛ لبعد السكوت من الكل عادة مع اعتقاد المخالفة كما ترى عليه الناس. شرح غاية. قال صاحب القسطاس: السكوت بعد استقرار المذاهب لا يدل على الموافقة قطعًا؛ إذ لا عادة بإنكاره، فلم يكن حجة، وإنما الكلام فيما إذا كان قبل الاستقرار. قوله: «قطعا ..» الخ سواء قلنا: كل مجتهد مصيب أوْ لا؛ لأن المخطئة تقول: بأن المخطئ معذور معفوٌّ عنه، مخاطب بما أدَّاه إليه نظره القاصر، فلا يجب الإنكار. شرح غاية.
(٥) ينظر في هذا الكلام، والظاهر أنه ليس بحجة؛ إذ سكوتهم ليس لأجل حجيته، بل لإصابته عند من قال: إنه مصيب فيما أدى إليه اجتهاده، فلم يعترضوه لهذا، والله أعلم. شامي. إلا أن يكون في مقام المناظرة، استقام.
(٦) فيكون ذلك في إفادته ظنًّا كالإجماع الآحادي، فيكون حجة ظنية. ح معيار للسيد داود.
(*) كقول معاذ لعمر لما رأى رجم الحامل: ما جعل الله لك على ما في بطنها سبيلا، فقال: لولا معاذ لهلك عمر. وكقول امرأة له، لما نهى عن المغالاة في المهر: أيعطينا الله بقوله: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً}[النساء ٢٠] ويمنعنا عمر؟ فقال: كل الناس أفقه من عمر حتى ربات المخدرات في البيوت، وغير ذلك مما يوقف عليه التتبع لآثارهم. قسطاس. قوله في الحاشية: «كقول معاذ لعمر ..» الخ قال =