فائدة
  والسنة المتواترة، (يفسق مخالفه) للوعيد عليه. وناهيك بآية المُشاقَّة، وهي (قوله(١) تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ(٢) الْمُؤْمِنِينَ ..}) الآية [النساء ١١٥] بكمالها، وهي قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}، (ولقول النبي ÷: «لن تجتمع أمتي على ضلالة»)، [(ونحوه كثير، ففيه تواتر معنوي)](٣).
  (ولإجماعهم(٤)) أي: الصحابة (على تخطئة من خالف الإجماع، ومثلهم لا يجمع على تخطئة أحد في أمر شرعي إلا عن دليل قاطع)، فدلَّت هذه الأدلة على فسق مخالفه، ودلَّت أيضا على حجيته.
  أما الآية فوجه الاستدلال بها: أنه تعالى تَوَّعد على اتباع غير سبيل المؤمنين كما توعد على مشآقَّة الرسول، فوجب كونه حجة كَهُمَا(٥).
= تواتر نقل الإجماع غير السكوتي» يَعُم الفعلي والتركي، وقد صرح بذلك فيما سبق، وهو الظاهر.
(*) وذهب ابن الخطيب والرازي والآمدي إلى أنه حجة ظنية وإن نقل تواترا. ح. حا.
(١) قال في حاشية: لفظ نسخ المتن: «لقوله تعالى»، فرفو الشارح غير مناسب.
(٢) والمراد بِـ «السبيل: ما يختاره الإنسان لنفسه من قول أو فعل. رفو.
(٣) ما بين المعكوفين غير موجود في النسختين وهو موجود في المتن الذي شرح عليه الطبري وابن حابس.
(٤) لا يقال على أصل الدليل إنكم إن قلتم: أجمعوا على تخطئة المخالف فيكون حجة - فقد أثبتم الإجماع بالإجماع، وإن قلتم: الإجماع دل على نص قاطع في تخطئة المخالف - فقد أثبتم الإجماع بنصٍّ يتوقف على الإجماع، ولا يخفى ما فيه من المصادرة على المطلوب؛ لأنا نقول: المدعي كون الإجماع حجة، والذي ثبت به ذلك هو وجود نص قاطع دل عليه وجود صورة من الإجماع يمتنع عادة وجودها بدون ذلك النص، سواء قلنا: الإجماع حجة أم لا، وثبوت هذه الصورة من الإجماع ودلالتها العادية على وجود النص لا يتوقف على كون الإجماع حجة، فما جعلنا وجوده دليلا على حجية الإجماع لا يتوقف على حجيته، لا وجوده ولا دلالته، فاندفع الدور. من العضد بلفظه.
(٥) إذ لا يضم مباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ إذ لا مخرج عنهما، والإجماع سبيلهم، فيجب اتباعهم، وهو المطلوب. واعترض عليه بوجوه كثيرة وانفصلوا عنها، أصعبها ما نذكره: وهو أن هذا ليس بقاطع؛ لأن قوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} يحتمل وجوها من التخصيص؛ لجواز أن يريد سبيلهم في متابعة الرسول ÷، أو في مناصرته، أو في الاقتداء به، أو في ما به صاروا مؤمنين وهو الإيمان به، وإذا قام الاحتمال كان غايته الظهور، والتمسك بالظاهر إنما يثبت بالإجماع، ولولاه لوجب العمل بالدلائل المانعة من اتباع الظن، فيكون إثباتا للإجماع بما لا تثبت حجيته إلا به، فيصير دورًا. عضد. قوله: «كثيرة ..» الخ، مثل: أنا لا نسلم أن «من» للعموم، ولو سلم فلا نسلم أنه اتباع غير سبيل المؤمنين محظور مطلقًا، بل بشرط الاقتران بمشاقة الرسول، ولو سلم فغير سبيل المؤمنين هو سبيل الكافرين، وهو الكفر، ولو سلم فالمؤمنون عام لكل مؤمن، ولو خص في كل عصر فهو عام في العالم والجاهل، ولو خص بأهل الحل والعقد =