[الدليل الرابع: القياس]
  حكمه عليه» يتناول القياس في الحكم الوجودي والحكم العدمي.
  وقوله: «بجامع»: يريد: أَيَّ جامعٍ كان؛ لأنه قد يكون حكمًا شرعيًّا، إثباتًا أو نفيًّا، كقولنا: «الكلب نجس، فلا يصح بيعه كالخنزير»، وقولنا: «النجس المغسول بالخل ليس بطاهر، فلا تصح الصلاة فيه كالمغسول باللبن».
  وقد يكون وصفًا عقليًّا كذلك(١)، كقولنا(٢): «النبيذ مسكر، فيكون حراما كالخمر»، و «الصبي ليس بعاقل(٣)، فلا يكلف كالمجنون».
  وهذا الحد أجود من غيره من الحدود المذكورة للقياس، خلا أنه لا يدخل فيه قياس العكس.
  قيل: فأولى منه أن يقال: «هو إثبات حكمِ أمرٍ لغيره لِشَبَهٍ بينهما، أو نقيضه لمخالفته»، فيدخل حينئذ قياس العكس في هذا الحد، والله أعلم.
  (وينقسم(٤)) القياس (إلى: جلي(٥)) وهو ما قطع بنفي الفارق(٦) فيه، وذلك
(١) أي إثباتًا أو نفيًا.
(٢) في الإثبات.
(٣) في النفي.
(*) الخمر: كل مسكر من عصير العنب، وما عداه من الأشياء المائعة المسكرة تسمى نبيذًا ولا تسمى خمرًا، ذكر ذلك أبو الحسين والغزالي. ح جوهرة. قلت: الظاهر أن الخمر في اللغة ما خامر العقل - أي: غطاه - من أيِّ شيء كان، وفي الشرع: ما كان من عصير الشجرتين: العنب والتمر. ذكره الهادي #. ح قاضي.
(٤) باعتبار قوته.
(٥) في الغاية: إلى: قطعي وظني، وجلي وخفي. قال في الشرح: فالقطعي: ما علم حكم أصله وعلته ووجودها في الفرع من دون معارض، كما في قياس العبد على الأمة في تنصيف الحد وهو قليل نادر، والظني: ما فقد فيه أحد العلوم. ثم قال فيه ما معناه: ولا يخفى عليك ظهور الفرق بين القطعي والجلي، فإن القطعي أخصُّ مطلقًا من الجلي، والظني أعم مطلقا من الخفي.
(٦) وينقسم القياس باعتبار مدركه إلى: عقلي، وشرعي. فالعقلي: ما لم يكن للشرع مدخل في إثبات شيء من أركانه، كقولك: «العالم حادث؛ لأنه مؤلف كالبيت» ويسمى عند المنطقيين تمثيلا، ويعرفونه بأنه تشبيه جزئيٍّ بجزئي في معنى مشترك بينهما، ليثبت في المشبه الحكم الثابت في المشبه به، المعلل بذلك المعنى، والمتكلمون يسمونه استدلالا بالشاهد على الغائب. والشرعي: ما كان للشرع مدخل في إثبات شيء منها، وهو المراد هنا. وباعتبار استجماعه للشرائط إلى صحيح وفاسد. فالصحيح: ما جمع الشروط المعتبرة الآتية إن شاء الله تعالى، وسواء كان قاطعًا أو مظنونًا، والفاسد: ما لم يجمع تلك الشروط. شرح غاية.