الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الرابع: القياس]

صفحة 155 - الجزء 1

  كقياس الأَمِة على العبد في سراية العتق، والتقويم على معتق الشقص؛ لأن النصَّ ورد في العبد، وهو قوله ÷: «مَن اعتق شقصًا له في عبد قُوِّم عليه الباقي⁣(⁣١)»؛ لأنا نعلم قطعًا أنه لا فارق بينهما، وقد أجمعت الأمة على ذلك؛ لأن الذكورة والأنوثة في أحكام العتق مما لم يعتبره الشارع، ولا فارق إلا ذلك.

  ومثله: قياس العبد على الأمة في تنصيف الحد في الزنا، فإنه ورد النصُّ في الأمة؛ وهو قوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}⁣[النساء ٢٥]، فأوجب على الأمة نصف ما على الحرة، فيقاس العبد عليها؛ لأنه لم يذكر، وقد أجمعت الأُمة على أنه لا فارق بين العبد والأمة في تنصيف الحد إلا الذكورة والأنوثة⁣(⁣٢)، وهي أيضًا مما لم يعتبره الشارع في ذلك، فهذا قياس جلي كما ترى.

  (وخفي) وهو نقيضه⁣(⁣٣)، أي: ما لم يُقطع بنفي الفارق⁣(⁣٤) فيه، بل ظُنَّ فقط.

  قيل: وهو ما تجاذبته أصول مختلفةُ الحكمِ بحيث أمكن رده إلى كل واحد منها، ولكنه أقوى شَبَهًا بأحدها، فيرد إليه لذلك.

  مثاله: ما يقال في الوضوء: «عبادة، فتجب فيه النية كالصلاة»، فيقول الخصم: طهارة بالماء فلا تجب فيه كإزالة النجاسة. فقد تجاذب هذا أصلان⁣(⁣٥) كما ترى، فسمي خفيًّا؛ لاحتياجه إلى النظر في ترجيح أيِّ الشبهين؟

  ومثل⁣(⁣٦) ذلك: قياس النبيذ على الخمر في الحرمة؛ إذ لا يمتنع أن تكون


(١) في شرح الغاية: «من أعتق شركا له في عبد، وكان له مال يبلغ ثمن العبد - قوم عليه قيمة عدل»، الحديث.

(٢) في العبارة قلق، ولو قال: «لعدم اعتبار الذكورة والأنوثة شرعًا في ذلك» لفاته القلق وكمل المعنى مع الاختصار. وعبارة السيد داود بن الهادي في شرحه على المعيار: لكن أجمعت الأمة على أنه لا فارق بين العبد والأمة في تنصيف الحد، فهذا قياس جلي عند الجمهور.

(٣) أي: ما كان احتمال الفارق فيه قويًّا، كقياس القتل بمثقل على القتل بمحدد في وجوب القصاص، وقد قال أبو حنيفة بعدم وجوبه في المثقل. سبكي.

(٤) بين الأصل والفرع. معيار.

(٥) الصلاة وإزالة النجاسة. ح. معيار للسيد داود.

(٦) أي: مثل ما لم يقطع فيه بنفي الفارق في كونه خفيًّا، لا أنه تجاذبه أصلان.

=