[الدليل الرابع: القياس]
  كأنه جمع بين الأصل والفرع بحكمي(١) العلة الواجبين عنها(٢)؛ لأن وجودهما ينبئ عن وجودها، فسمي(٣) قياس دلالة؛ لأن العلة فيه غير منصوصة، بل مدلول عليها. والحاصل أنه إن جمع بين الأصل والفرع بنفس العلة(٤) فهو قياس العلة، وإن جمع بينهما بما يلازمها ويدل عليها(٥) لا بنفسها فهو قياس الدلالة، فتأمل!
  مثال ذلك: قياس قطع الجماعة(٦) بالواحد إذا اشتركوا في قطع يده - فإنها تقطع أيديهم قياسًا على قتلها به إذا اشتركوا في قتله، بواسطة الاشتراك في وجوب الدية عليهم في الصورتين؛ لأن الدية والقصاص موجَبَانِ للجناية في الأصل - وهو القتل - لحكمة الزجر، وقد وجد في الفرع - أعني: القطعَ - أحدُهما، وهو الدية، فيوجد الآخر، وهو القصاص؛ لأنهما متلازمان(٧) بالنظر إلى اتحاد علتِهما(٨)، وهي الجناية؛ لأنها توجب الدية في الخطأ والقصاص في العمد، وحكمتِهما، وهو الزجر. فهاهنا قد جمع بين الأصل والفرع لا بنفس العلة(٩)، بل
(١) صوابه: بأحد حكمي العلة.
(٢) أي: عن العلة وهي الجناية.
(٣) أي: هذا القياس.
(*) عبارة السيد داود بن الهادي في شرحه على المعيار: وسمي قياس الدلالة لدلالة الجامع على العلة.
(٤) كأن يقال: والجامع بين الأصل والفرع الجناية العمد العدوان.
(٥) وهو الدية والقصاص.
(٦) وتحقيق كيفية تركيب القياس أن نقول في قطع الأيدي بيد واحدة: جناية من جماعة توجب على كل واحد دية كاملة، فلزم أن توجب القصاص عليهم كما أوجبته في القتل. فها هنا أصل: وهو القتل، وفرع: وهو قطع اليد، وعلة: وهو وجوب ديتها على كل واحد، وحكم: وهو وجوب القصاص عليهم جميعا، فإذا كان الفرع - وهو قطع اليد - قد شارك الأصل - وهو القتل - في العلة وهي لزوم الدية على كل واحد - وجب أن يشاركه في الحكم وهو القصاص. منهاج. قوله: «جناية ..» الخ هذا تصريح بالعلة، فتأمل.
(٧) أي: الدية والقصاص متلازمان نظرًا إلى اتحاد علتهما بحسب الجنس؛ بمعنى أن الجناية توجب الدية في الخطأ، والقصاص في العمد، وليس تتحقق الدية في الخطأ، ولا يتحقق القصاص في العمد، وبالعكس. سعد على العضد.
(٨) بحسب الجنس.
(٩) وهي الجناية.