[الدليل الرابع: القياس]
  بما يلازمها كما ترى(١).
  (و) ينقسم القياس - أيضًا(٢) - قسمة ثالثة (إلى):
  (قياس طرد) وهو إثبات مثل حكم الأصل في الفرع؛ لاشتراكهما في العلة صريحًا كما في قياس العلة، أو ضمنًا كما في قياس الدلالة.
  مثاله: أن يقال في إيجاب النية في الوضوء: عبادة فتجب فيها النية كالصلاة، ويُثبت كونها عبادة بقوله ÷: «الوضوء شطر الإيمان». والصلاة من الإيمان(٣)؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة ١٤٣]، والمراد: الصلاة إلى بيت المقدس.
  وفي النبيذ: مسكر فيحرم كالخمر. ونحو ذلك. وأكثر القياسات طردية.
  (وإلى قياس عكس(٤)) وهو ما ثبت فيه نقيض حكم الأصل بنقيض علته.
  مثاله(٥): قولنا في قياس اشتراط الصيام في الاعتكاف على عدم اشتراط
(١) وحاصله إثبات حكم في الفرع لوجود حكم آخر توجبهما في الأصل علة واحدة، فيقال: ثبت هذا الحكم في الفرع لثبوت الآخر فيه وهو ملازم له، فيكون قد جمع بأحد موجبي العلة في الأصل - لوجوده في الفرع - بين الأصل والفرع في الموجب الآخر؛ لملازمتهما. ومرجعه إلى الاستدلال بأحد الموجبين على العلة، وبالعلة على الموجب الآخر، لكنه اكتفي بذكر موجب العلة عن التصريح بها. شرح غاية.
(٢) باعتبار المشاركة في العلة والمخالفة فيها.
(٣) ومن إطلاق الإيمان على الصلاة ما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} قال صاحب الكشاف وغيره: أي صلاتكم إلى بيت المقدس. بالمعنى.
(٤) هو عكس شيء بمثله في العلة [*]، كما في حديث مسلم، وهو قوله ÷ لبعض أصحابه: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟»، فكأنهم قالو: نعم، قال: «فكذلك لو وضعها في الحلال لكان له أجر»، في جواب قولهم: أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أحر؟ فاستنتج من ثبوت الحكم - أي: الوزر في الوطء الحرام - انتفاءه في الوطء الحلال الصادق بحصول الأجر، حيث عدل بوضع الشهوة عن الحرام إلى الحلال، فهذا هو المسمى بقياس العكس.
(٥) لفظه في غير هذا الكتاب: مثال قياس العكس: قول الحنفية: لما وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر وجب بغير نذر، كالصلاة فإنها لما لم تجب فيه بالنذر لم تجب بغير نذر، فالأصل: الصلاة، والفرع: الصوم، والحكم في الأصل: عدم وجوب الصلاة في الاعتكاف، يعني أنها ليست شرطًا في صحته، والعلة في الأصل: كونها غير واجبة فيه بالنذر، وحكم الفرع: وجوب الصوم فيه بغير نذر، بمعنى =