الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الرابع: القياس]

صفحة 159 - الجزء 1

  الصلاة فيه: لو لم يكن الصوم شرطا في الاعتكاف إذا قال: «عليَّ لله أن أعتكف غدًا» وأطلق - لما كان الصوم⁣(⁣١) من شرطه⁣(⁣٢) وإن علق النذر بالاعتكاف بالصوم، لكنه شرط للاعتكاف عند النذر؛ فيكون شرطا له وإن لم ينذر بالصيام، كالصلاة فإنه قد ثبت فيها أن من قال: عليه لله أن يعتكف غدا - مثلا - مُطلِقا - أجزأه الاعتكاف بدون صلاة، كما أنه لو قيَّد النذر بالاعتكاف بالنذر بها فقال: عليه لله أن يعتكف غدا مصليًّا أجزأه بدونها⁣(⁣٣). فالأصل: الصلاة، والفرع: الصيام، والحكم في الأصل: عدم الوجوب بغير نذر، والعلة: عدم وجوبه بالنذر. والمطلوب في الفرع: وجوبه بغير نذر، والعلة: وجوبه بالنذر، فثبت في الفرع نقيض حكم الأصل بنقيض علته، كما ترى. والله أعلم.

  واعلم أنه قد اختلف العلماء في التعبد بالقياس، أي: هل يجوز من الله تعالى أن يوجب علينا⁣(⁣٤) العمل به، بأن يكون دليلًا شرعيًّا يستدل به أم لا؟ فعند


= أنه شرط في صحته، وعلته: وجوبه بالنذر، فافترقا حكمًا وعلةً. اهـ. قوله: لما وجب الصيام في الاعتكاف ..» الخ لا يخفى على ذي فطنة أن العلة - أعني عدم وجوب الصلاة بالنذر في الأصل - تناسب الحكم الذي هو عدم الوجوب بغير نذر وتقتضيه بالأولوية إن لم يكن ذلك من فحوى الخطاب، فإن منزلة عدم الوجوب بغير نذر من عدم الوجوب بالنذر منزلة تحريم الضرب من تحريم التأفيف، ولولا الأولوية لم يمكن جعل عدم الوجوب بالنذر علة لعدم الوجوب بغير نذر بمسلك من المسالك. وأما وجوب الصوم بغير نذر فليس أولى من وجوبه بالنذر، بل الأمر بالعكس، ولا مناسبة بينه وبينه، ولا يمكن أن يثبت عِليَّة وجوب الصوم بالنذر لوجوب الصوم بغير نذر بمسلك من المسالك فكيف يمكن إسناد الإيجاب إليه وإثباته به؟! فجَعْلُ ما ذكر مثالا لقياس العكس - مع العلم بأنه أثبت في الفرع نقيض حكم الأصل لنقيض علته؛ لأجل مناسبة نقيض العلة لنقيض الحكم واقتضائه إياه - من المحال. من أنظار سيدي هاشم.

(١) جواب «لو لم».

(٢) أي: الاعتكاف.

(٣) قيل: للمناسبة بين الاعتكاف والصوم؛ إذ كل منهما كفٌّ وإمساك، دون الصلاة والاعتكاف. وعورض: بأن الصلاة والاعتكاف عبادة شاقة. والأولى أن يقال: لتعذر التلبس بالصلاة في جميع أجزاء اليوم دون الصوم.

(٤) وذلك على المجتهد خاصة. ذكره الآمدي وشراح المنتهى. حاشية فصول.

(*) بأن يريد منا أن نقيس مسألة على أخرى في التحليل والتحريم والوجوب والندب والكراهة =