[الدليل الرابع: القياس]
  على وجه التصريح) بالعلة بأيِّ تلك الوجوه المذكورة آنفًا. ويسمى هذا القسم من النص(١) (تنبيه النص(٢)) وإيماء النص، وهو أنواع:
  الأول: صدور حكم منه ÷ جواًبا عقيب سماع واقعة عرضت عليه لبيان حكمها، (مثل) قوله ÷ للأعرابي حين قال(٣): هَلِكتُ وأَهْلَكتُ، فقال: «ماذا صنعت؟» فقال: جامعت أهلي في شهر رمضان («اعتق رقبة»، جوابا لمن قال: جامعت) أهلي (في شهر رمضان)، فإنه يعلم بذلك أن علةَ العتق الجماعُ في شهر رمضان.
  (وقريب منه) - أي: من هذا النوع - ما إذا سأله ÷ أحدٌ عن حكم شيء، فيذكر في الجواب ما قد ثبت فيه مثل ذلك الحكم بعلته، مما هو نظير المسئول عنه أو دونه؛ ليثبت في المسئول عنه ذلك الحكم بتلك العلة بالأولوية أو بالمماثلة، مثل: قوله ÷ للخثعمية حين قالت له: إن أبي أدركته الوفاة وعليه فريضة الحج، فإن حججت عنه أينفعه ذلك؟ فقال ÷: «أرأيتِ لو كان على أبيك دين» إلى آخر (الخبر)، وهو قوله ÷: «فقضيتيه(٤)، أكان ينفعه ذلك؟». فقالت: نعم، فقال ÷: «فدَينُ الله أحق أن يقضى».
  سَأَلَتْه(٥) عن حكم دَين الله - وهو النفع - فذكر نظيره وهو دَين الآدمي بِعِلَّته
(١) مبني على أن الدلالة الالتزامية لفظية، وبعض الأصوليين يجعل الإيماء مسلكًا مستقلًا؛ نظرًا إلى أن دلالته ليست بحسب الوضع. شرح غاية.
(٢) وهو الاقتران بوصف لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدًا، يعني أن التنبيه والإيماء هو أن يقترن حكم بوصف لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان ذلك الاقتران بعيدا وقوعُه من الشارع؛ لفصاحته وإتيانه بالألفاظ في مواقعها، ولتنزُّهِ كلامه عما لا فائدة له فيه، وفرارًا من إخلاءِ السؤال عن الجواب، وتأخيرِ البيان عن وقت الحاجة، فيكون السؤال مقدَّرًا في الجواب، كأنه قيل: «إذا واقَعْتَ فكفِّر». شرح غاية مع زيادة.
(٣) أخرجه الستة، واللفظ لابن ماجه. شرح غاية.
(٤) قيل: سماع الحديث، «فقضيتيه» بإلحاق الياء بتاء المؤنث مع الهاء، وهي لغة حكاها أبو علي وأنشد:
رَمَيْتِيْهِ، فأَقْصَدتِ ... وما أخْطَأَتِ الرَّمْيَةْ
(٥) في المخطوطة: فذكر حكم نظيره - وهو قضاء دين الآدمي - بعلته وهو كونه دينا وأنه يحصل النفع =