[الدليل الرابع: القياس]
  قبور أنبيائهم مساجد لم يكن لذكر ذلك فائدة(١).
  وكالفصل بين الشيئين بالشرط والاستثناء، فالشرط مثل قوله ÷: «إذا اختلف الجنسان(٢) فبيعوا كيف شئتم»، ففصل بين الشيئين المكيلين في جواز التفاضل بشرط اختلاف الجنس، فيعلم بذلك أن العلة في جواز التفاضل هي الاختلاف في الجنس، وإلا لم يكن لذكر الشرط فائدة.
  والاستثناء مثل قوله تعالى: {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ(٣)}[البقرة ٢٣٧]، ففصل تعالى بين المطلقات العافية وغيرها في سقوط المهر بالاستثناء، فلولا أن العلة في سقوط مهر العافية هو العفو، لم يكن لذكر الاستثناء فائدة.
  ومن ذلك(٤) الغايات، مثل: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ}[البقرة ٢٢٢] ونحوه، فلولا أن العلة في جواز الوطء هو الطهر لم يكن لذكر الغاية فائدة.
  ونحو اقتران(٥) الصفة بحكم من الشارع، حيث لا وجه لذكر الصفة إلا قصد التعليل للحكم بها، وإلا لكان ذكرها عديم الفائدة، نحو قوله ÷ - حين امتنع من الدخول على قوم عندهم كلب، فقيل له: إنك تدخل على آل فلان وعندهم هرة؟ - فقال: «إنها ليست بسبع(٦)، إنها من الطوافين(٧) عليكم
(١) فيكون ذكر الفعل لقصد التعليل. قسطاس.
(٢) لعل هذا مما صرح فيه بأحد حروف التعليل.
(٣) فقد فرق بين حكمين وهما: استحقاق النصف وسقوط استحقاقه بالعفو، فهذا إيماء إلى أنه العلة. ح حا.
(٤) أي: الفصل بين الشيئين؛ لأنه فصل بين عدم جواز القرب وجواز القرب بالغاية التي هي الطرف، فعلم أنها العلة في جواز القرب.
(٥) وحاصل المذكور: الفرق بين المنطوق والمفهوم بأحد الأمور.
(٦) والأصح أنه قال ÷: «إنها ليست بنجس»، وهو الذي ذكره المهدي # في مواضع من شرحه؛ فلو لم يكن ذكر الطواف ونفي السبُعية أو النجاسة للتعليل للزم إخلاءُ السؤال عن الجواب، وتأخيرُ البيان، وذلك بعيد جدًّا، فيحمل على التعليل دفعًا للاستبعاد. قسطاس بلفظه.
(*) أي: سبع نجس؛ إذ قد نص ÷ على كونها سَبُعًا، وإنما رخص فيه لكثرة الطيافة على الناس. ح السيد داود على المعيار.
(٧) والطوافون: الخدم، والطوافات: الخادمات، وجعلها بمنزلة المماليك نظير قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ}[الإنسان ١٩]، ومنه قول إبراهيم النخعي: إنما الهرة كبعض أهل البيت، كذا =