[الدليل الرابع: القياس]
  الأصل) التي يمكن أن تكون علة، وهذا هو التقسيم. (ثم) بعد ذلك الحصر (إبطال التعليل بها) أي: بتلك الأوصاف (إلا واحدا(١)) منها (فيتعين) - حينئذ - كونه علة. وهذا هو السبر.
  (و) الطريق إلى (إبطال ما عداه) يكون بأمور:
  (إما ببيان ثبوت الحكم من دونه) كما يقال في قياس الذرة على البر في تحريم التفاضل، بعد الإجماع على أن تحريمه لعلة، من دون تعيين للعلة: حَصَرْتُ الأوصافَ في البر التي يمكن أن تصلح علة للتحريم في بادئ الرأي فوجدتها الطعم، أو القوت، أو الكيل. فيبطل الطعم والقوت بثبوت الحكم - وهو التحريم - بدونهما، كما في النورة(٢) والملح(٣)، فيتعين الكيل.
= مستقلا بإثبات العلة كما ذكره المهدي وغيره من أصحابنا لما احتيج إلى الحصر والإبطال، والمناسبة والشبه، ولا بد قطعا في إثبات العلة من مسلك من هذه المسالك؛ للإجماع من الفقهاء على أن كل حكم لا بد له من علة على سبيل الشمول لا على جهة الخصوص كما يشعر به كلام المعيار والجوهرة، فالمسلك إلى إثبات العلة ها هنا هو الحصر والإبطال. حاشية على الفصول.
(١) وكذا في المعيار، إلا أنه وفَّاهُ صاحب القسطاس حيث قال: إلا ما يدعى أنه العلة واحدًا كان أو أكثر. وعبارة غاية السؤل وشرحها: ثم إبطال بعضها وهو ما عدا الذي يدعى أنه العلة.
(٢) الأولى: «كما في الذهب والفضة»؛ لثبوت حكمهما بالنص، بخلاف النورة والملح؛ لأن ثبوت الحكم فيهما مترتب على التعليل بالكيل، والتعليل به مترتب على بطلان التعليل بالطعم والقوت، فلو توقف بطلان التعليل بهما على ثبوت الحكم في النورة والملح للزم الدور. إفادة سيدي محمد بن محمد الكبسي.
(٣) لأن الملح ربوي وليس بقوت. شرح غاية. قال في شرح الغاية ما لفظه: فائدة: علة حرمة الربا: إما المال، أو الاقتيات، أو الادخار، أو الطعم، أو القدر والجنس؛ إذ لا قائل بغيرها. ولا يصلح مطلق المال علة؛ للإجماع على جواز بيع فرس بفرسين. قال الشافعي: ولا الاقتيات والادخار؛ لعموم: «لا تبيعوا الطعام بالطعام» للقوت المدخر وغيره. وكذا القدر والجنس؛ لأنه لا يلائم حرمة الربا فيفسد وضعه. وقال مالك: وكذا الطعم؛ لأنه ما لم يصلح للادخار يكون معرضًا للفساد فلا يشعر بالعزة المؤثرة في ذلك. قلنا: قد وجد حرمة الربا دون الطعم في الأثمان، وبدون الاقتيات والادخار في الملح، ولا نسلم فساد وضع القدر والجنس؛ لأن المصلحة رعاية غاية العدل، وإنما يتحقق فيما فيه المساواة صورةً بالقدر، ومعنىً بالجنس، على أن عليتها ثابتة بإشارة النص في: «مثلًا بمثل»؛ لكونه حالا، والحال قيد في عاملها، والحكم ينصرف إلى القيد، ولذا يتعلق الطلاق بالركوب في «أنت طالق إنْ دخلتِ راكبة».