الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الرابع: القياس]

صفحة 188 - الجزء 1

  (أو ببيان كونه وصفا طرديا(⁣١)) أي: من جنس ما علم من الشارع إلغاؤه وعدم اعتباره في حكم من الأحكام، كما يقال - مثلا - في قياس الخل على المرق في عدم التطهير: حصرتُ الأوصاف في المرق التي يمكن أن تصلح علة لعدم التطهير في بادئ الرأي فوجدتها: إما كونه متغيرًا، أو كونه لا تبنى عليه الْقَنْطَرَةُ⁣(⁣٢)، أو لا يصاد منه السمك. ثم يُبطل هذين الوصفين⁣(⁣٣) - أعني: كونه لا تبنى عليه القنطرة، وكونه لا يصاد منه السمك - بأن الشارع لم يعتبر ذلك في حكم من الأحكام.

  وكما يقال في قياس الأَمة على العبد في سراية العتق: حصرتُ الأوصاف التي يمكن أن تُدَّعى علة لذلك فوجدتها: إما المِلك، أو الطول، أو القصر، أو الذكورة، أو الأنوثة. ثم تبطل الطول والقصر بأنه لم يعتبرهما الشارع في حكم من الأحكام، والذكورة والأنوثة بأنه لم يعتبرهما في أحكام العتق⁣(⁣٤)، فيتعين المِلك.

  (أو بعدم ظهور مناسبته) أي: بأن لا يظهر للوصف وجهُ مناسبةٍ يقتضي⁣(⁣٥) بها الحكم، فيلغى حينئذ، كما يقال في قياس النبيذ على الخمر: حصرتُ الأوصاف في الخمر التي تصلح علة لتحريمه فوجدتها: إما الإسكار، أو


(١) والطردي: هو الذي لم يعتبره الشارع.

(٢) القنطرة: الجسر، وما ارتفع من البنيان. قاموس.

(٣) فإن قيل: المفروض أن الأوصاف كلها صالحة لعلية ذلك الحكم والإبطال نفي لذلك؛ لأن معناه بيان عدم صلوح البعض فتناقض؟ قلنا: قد أشار إلى الجواب بأن صلوح الكل إنما هو في بادئ الرأي، وعدم صلوح البعض إنما هو بعد النظر والتأمل. سعد الدين.

(٤) دون الشهادة وولاية النكاح. شرح غاية.

(٥) ويكفي الناظر أن يقول: بحثتُ فلم أجدها مناسبة، ولا ما يوهمها، ويصدق فيه لأنه عدل. فإن قيل من جانب المعترض: الوصف الباقي كذلك، أي: بحثتُ فلم أجد له مناسبة، ويصدق لعدالته، فالترجيح هو اللازم للمستدل - حينئذٍ -؛ للتعارض بين الوصفين الحاصلين من السبرين، كالترجيح بالتعدية وغيرها من وجوه الترجيح الآتية في بابه إن شاء الله تعالى. وليس للمستدل أن يبين مناسبةَ وصفه؛ لأن بيان مناسبته خروج من مسلك السبر إلى مسلك الإخالة. شرح غاية.