الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الرابع: القياس]

صفحة 189 - الجزء 1

  السيلان، أو الاشتداد⁣(⁣١). فيبطل ما عدا الإسكار؛ لعدم المناسبة بينه وبين التحريم، فيتعين الإسكار.

  فهذه هي الطرق إلى إبطال التعليل بما عدا الوصف المُعلَّل به.

  فإن قلت: قد بينت الطريق إلى الإبطال فما الطريق إلى انحصار الأوصاف فيما ذكر المعلِّل؟ ومن أين له ذلك؟

  قلت: الطريق إلى ذلك أن يقول: بحثت فلم أجد سوى هذه الأوصاف؛ وعدالته⁣(⁣٢) وتَدَيُّنه يقتضيان صدقه فيما ادعاه من البحث، وذلك مما يغلب في الظن عدم غيرها؛ لأن الأوصاف العقلية والشرعية مما لو كانت لما خفيت⁣(⁣٣) على الباحث عنها. أو أن يقول: الأصل عدم غيرها، وبذلك يحصل الظن المقصود. فإن ظهر له وصف آخر⁣(⁣٤): فإن ظهر بطلانه فذاك، وإلا رجع عما حكم.

  (وشرط هذا(⁣٥) الطريق) المسمى بحجة الإجماع، (وما بعده) وهو المناسبة


(١) أو كونه يقذف بالزبد.

(*) الاشتداد: الإسكار، فلا وجه لعَدِّهُ قسما آخر غير الإسكار. شامي. يدل عليه كلام شرح الجوهرة للدواري، حيث قال: ونعني بالشدة كونه يسكر. ولعله يقال: المراد بالاشتداد: الرائحة، وهو وصف ملازم للإسكار كما في شرح الغاية.

(٢) إشارة إلى دفع ما يقال: لعله لم يبحث، أو بحثَ ووجدَ ولم يذكره، ترويجًا لكلامه، وأنه وإن لم يجد فلم يدل على عدمه. سعد.

(٣) فلا يقال: عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود. شرح غاية.

(٤) وإذا بيَّنَ المعترض وصفا آخر مثل كون البر خير قوت، فالمستدل إن أبطله فقد سلم حصره وكان له أن يقول: هذا مما علمت في بادئ الرأي أنه لا يصلح فيما أدخلته في حصري. وأيضًا فلم يدع الحصر قطعًا، بل قال: ما وجدت أو أظن العدم وهو فيه صادق. وإلا يبطله لزم انقطاعه كما أن المجتهد إذا ظهر له وصف آخر فإن أظهر ... الخ. قسطاس وكذا في المنتهى وشرحه. قوله: «فالمستدل إن أبطله ..» الخ وذلك كما يقول: ذلك غير معتبر لثبوت الحكم من دونه في الشعير لحصول النص عليه من جهة الشارع.

(٥) أي شرط صحة العمل بها.

(*) في غاية السؤل وشرحها: ودليل العمل بذلك المسلك وما بعده من المسالك أنه لا بد لكل حكم من علة لما ثبتَ من الإجماع على تعليل الأحكام: إما وجوبا كما هو رأي المعتزلة، أو تفضلا كما هو رأي الجمهور.