[الدليل الرابع: القياس]
  السيلان، أو الاشتداد(١). فيبطل ما عدا الإسكار؛ لعدم المناسبة بينه وبين التحريم، فيتعين الإسكار.
  فهذه هي الطرق إلى إبطال التعليل بما عدا الوصف المُعلَّل به.
  فإن قلت: قد بينت الطريق إلى الإبطال فما الطريق إلى انحصار الأوصاف فيما ذكر المعلِّل؟ ومن أين له ذلك؟
  قلت: الطريق إلى ذلك أن يقول: بحثت فلم أجد سوى هذه الأوصاف؛ وعدالته(٢) وتَدَيُّنه يقتضيان صدقه فيما ادعاه من البحث، وذلك مما يغلب في الظن عدم غيرها؛ لأن الأوصاف العقلية والشرعية مما لو كانت لما خفيت(٣) على الباحث عنها. أو أن يقول: الأصل عدم غيرها، وبذلك يحصل الظن المقصود. فإن ظهر له وصف آخر(٤): فإن ظهر بطلانه فذاك، وإلا رجع عما حكم.
  (وشرط هذا(٥) الطريق) المسمى بحجة الإجماع، (وما بعده) وهو المناسبة
(١) أو كونه يقذف بالزبد.
(*) الاشتداد: الإسكار، فلا وجه لعَدِّهُ قسما آخر غير الإسكار. شامي. يدل عليه كلام شرح الجوهرة للدواري، حيث قال: ونعني بالشدة كونه يسكر. ولعله يقال: المراد بالاشتداد: الرائحة، وهو وصف ملازم للإسكار كما في شرح الغاية.
(٢) إشارة إلى دفع ما يقال: لعله لم يبحث، أو بحثَ ووجدَ ولم يذكره، ترويجًا لكلامه، وأنه وإن لم يجد فلم يدل على عدمه. سعد.
(٣) فلا يقال: عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود. شرح غاية.
(٤) وإذا بيَّنَ المعترض وصفا آخر مثل كون البر خير قوت، فالمستدل إن أبطله فقد سلم حصره وكان له أن يقول: هذا مما علمت في بادئ الرأي أنه لا يصلح فيما أدخلته في حصري. وأيضًا فلم يدع الحصر قطعًا، بل قال: ما وجدت أو أظن العدم وهو فيه صادق. وإلا يبطله لزم انقطاعه كما أن المجتهد إذا ظهر له وصف آخر فإن أظهر ... الخ. قسطاس وكذا في المنتهى وشرحه. قوله: «فالمستدل إن أبطله ..» الخ وذلك كما يقول: ذلك غير معتبر لثبوت الحكم من دونه في الشعير لحصول النص عليه من جهة الشارع.
(٥) أي شرط صحة العمل بها.
(*) في غاية السؤل وشرحها: ودليل العمل بذلك المسلك وما بعده من المسالك أنه لا بد لكل حكم من علة لما ثبتَ من الإجماع على تعليل الأحكام: إما وجوبا كما هو رأي المعتزلة، أو تفضلا كما هو رأي الجمهور.