[الدليل الرابع: القياس]
  الجمع، وهو أمر واحد ليس جنسا تحته نوعان، والوصف المناسب - وهو الحرج - جنس يجمع الحاصل بالسفر - وهو خوف الضلال والإنقطاع - وبالمطر، وهو التأذي، وهما نوعان مختلفان. (فقد اعتبر) كما بينا (جنس الحرج في عين رخصة(١) الجمع) وذلك بتنبيه النص، أعني قولهم: كان ÷: يجمع في السفر. فإن في ذلك إيماء إلى أن علة ترخيص الجمع هو حرج السفر ومشقته(٢)، والله أعلم.
  (أو) ثبت بنص، أو إجماع، أو تنبيه نص، أو حجة إجماع (اعتبار جنسه) أي: الوصف، حيث يكون جنسًا تحته نوعان (في جنس الحكم(٣)) المراد إثباته بالقياس، حيث يكون جنسا تحته نوعان أيضا، (كإثبات القصاص بالمُثَقَّل قياسا على المحدد(٤) ، بجامع كونهما جناية عمد عدوان)، بأن يقال - مثلا -: يجب القصاص بالقتل بالمثقل قياسا على القتل بالمحدد، بجامع كونهما جناية عمد عدوان.
  فالحكم - وهو مطلق وجوب القصاص - جنس يجمع القصاص في النفس وغيرها مما يجب فيه القصاص، كاليدين والرجلين والعينين والأنف والأذن. والوصف المناسب - وهو جناية العمد العدوان - جنسٌ - أيضا - يجمع الجناية في
(١) بالنص والإجماع. وأما اعتبار عين الحرج فليس إلا بمجرد ترتب الحكم على وفقه؛ إذ لا نص ولا إجماع على علية نفس حرج المطر. شرح غاية.
(٢) فإن قيل: الحرج - وهو المشقة - وصفٌ غير منضبط لما قد تقرر؛ ولذا لم يعلل به القصر، فلا يصلح علة. قلنا: قد أجيب بانضباطه في الجمع؛ بدليل جوازه سفرًا وحضرًا، إذ لم يمنع منه مانع شرعي؛ فيصلح علة، بخلاف القصر فإن المشقة لو اعتبرت لصادمه الإجماع على عدم جوازه حضرًا عند حصول الحرج؛ ولذا اعتبر ملازمه وهو السفر.
(٣) لفظ شرح الغاية: ومثال الثالث منه: اعتبار جنس الجناية العمد العدوان الشامل للجناية في النفس وفي الأطراف في جنس القصاص الشامل للقصاص فيهما بالنص والإجماع، وأما اعتبار عين القتل العمد العدوان في عين القصاص في النفس حيث كان القتل بالمثقل فلم يثبت إلا بترتب الحكم على وفقه؛ إذ لا نص ولا إجماع على أن العلة ذلك وحدَه أو مع قيد كونه بالمحدد.
(٤) وهذا المثال على أصل الحنفية، ومثله في المنتهى.