[مقدمة الشارح]
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أنجو بها من الشرك، وأدخرها(١) ليوم الزحام(٢)، وأن محمدًا عبده ورسوله ختام الأنبياء وأيُّ ختام!
  أما بعد: فلما كان علم أصول الفقه الذي هو رأس علوم الاجتهاد التي يهتدى بها إلى محجة الرشاد(٣)، وأساسها الذي عليه تُبنى وتُشاد(٤) - من أجَلِّ(٥) العلوم الدينية قدرًا، وأعظمها خطرًا(٦)، وأدقها سرًّا؛ إذ موضوعه(٧) أشرف الموضوعات، وغايته(٨) أجَلُّ الغايات، وكان العلماء رحمهم الله تعالى قد وضعوا فيه المصنفات البسيطة والمختصرات(٩)، ولم يألوا(١٠) جهدا في التحقيق(١١)، ولا تركوا مجهودا في التدقيق(١٢)، وكان من جملتها مختصر الشيخ المحقق، النِّحرير(١٣)
(١) هو بالدال المهملة، وبالذال المعجمة، وقد ذكره في النهاية في ادخار ثلثي لحم الأضاحي. ومعناه في الصحاح.
(٢) يوم القيامة.
(٣) المحجة بفتح الميم: جادة الطريق. م.
(*) أي: طريقة الرشاد.
(٤) يقال: شادهُ يشيدهُ شيدًا بالفتح: جصَّصَهُ، والشيد بالكسر: كل شيء طليت به الحائط من جصٍّ أو بلاط. صحاح. قال في القاموس: قول الجوهري: أو بلاط بالباء غلط، والصواب: ملاط بالميم؛ لأن البلاط حجارة لا يطلى بها، وإنما يطلى بالملاط، وهو الطين. ق.
(٥) قوله: من أجل العلوم ... الخ، كان حق العبارة أن يقول: أجل، بحذف من التبعيضية، فإنه كما قال آنفًا: رأس علوم الاجتهاد، التي هي العلوم الدينية، وأساسها الذي تبنى عليه وتشاد، لا جرم حقه أن يكون أجل ما هو رأس له وأساس، لا مِن أجله، وذلك ظاهر.
(٦) خطر الرجل: قدره ومنزلته. تمت صحاح
(٧) وهو أدلة الفقه.
(٨) وهي العلم بأحكام الله تعالى.
(٩) الاختصار: الجمع، ومنه سميت مخصرة الطريق، ومن ذلك: أخذ المخصرة، وهي العصا الصغيرة تجمع اليدين عليها. وحقيقته: ما قل لفظه وكثرت معانيه.
(١٠) من الألو، وهو التقصير.
(١١) التحقيق: إثبات المسألة بدليلها[٠] مع دلائل أُخر. وقيل: التحقيق: إثبات المسألة بدليلها وعلتها، مع رد قوادحها.
[٠] في التعريفات: «التحقيق: إثبات المسألة بدليلها».
(١٢) والتدقيق: إثبات الدليل[٠] بالدليل الآخر.
[٠] في كشاف اصطلاحات الفنون وقريب منه في التعريفات: «التدقيق: إثبات المسألة بدليل دقيق يصل الناظر إليه بدقة النظر لدقة طريقه، ولاحتياجه إلى دليل آخر».
(١٣) المتقن، مِن نحر العلوم، إذا أتقنها. فصول.
(*) النحرير - بالكسر -: الحاذق الماهر العاقل المجرب المتقن الفطن البصير بكل شيء؛ لأنه نحر العلوم نحرًا. قاموس