[الدليل الرابع: القياس]
  (اعتباره بشيء مما سبق) يعني: أن المرسل ما لم يثبت في الشرع(١) اعتبار عينه في عين الحكم أصلا، بنص ولا إجماع، ولا بمجرد ترتب الحكم على وفقه.
  (وهو) أي: المناسب المرسل (ثلاثة أقسام: ملائم، وغريب، وملغي):
  (فـ) ـالقسم الأول: (الملائم المرسل)، وهو (ما لم يشهد له أصل معين بالاعتبار) يعني: أنه لم يثبت اعتبار عينه في عين الحكم أصلا، (لكنه مطابق لبعض مقاصد الشرع الجُمليَّة)، وذلك (كقتل المسلمين المُترَّس بهم عند الضرورة) يعني: إذا تَرَّس الكفار بهم وقصدونا، فإن في قتلهم مصلحة(٢) راجحة، وهي حفظ بيضة الإسلام(٣)، وقد دعت إليه الضرورة، وهي المحافظة على الإسلام، فحينئذ يجوز قتلهم. ولا دليل على الجواز إلا القياس المرسل، ورعاية الأصلح لجملة الإسلام، ولا أصل له معين يرد إليه ويشهد له بالاعتبار مما ورد فيه نص أو إجماع؛ وإنما يرد إلى جُملِيٍّ، وهو رعاية مصالح الإسلام، فقد طابق بعض مقاصد الشرع الجملية، وهي رعاية المصالح، فيقاس عليها. (وكقتل الزنديق) إذا ظفرنا به. وهو من ينكر القول بحدوث العالم ويقول
(١) وفي المعيار وشرحه القسطاس ما لفظه: وأما الرابع وهو المناسب المرسل فهو ما لم يثبت في الشرع اعتبار جنسه ولا عينه في محل الحكم المفروض وقوع النزاع فيه، ولا في محل حكم غيره يكون من جنسه. وقد يقال: إن هذه الحقيقة ليست بمانعة؛ لدخول المناسب الغريب، فإنه لم يثبت فيه بالشرع شيء من ذلك، ولأنها تدل على أن ما ثبت اعتبار عينه في عين الحكم بمجرد ترتب الحكم على وفقه فإنه مناسب مرسل، وليس بصحيح، فإن ذلك هو المناسب الغريب، وإنما المناسب المرسل ما لم يثبت اعتبار عينه في عين الحكم ... الخ. كلامه.
(٢) في المخطوطتين: فإن في قتلهم مصلحة وهي أن يسلم أكثر منهم من المسلمين، وقد دعت إليه الضرورة، وهي المدافعة عن أرواح المسلمين.
(٣) وقد جاء الشرع بهذا كما في أدلة وجوب الجهاد وبذل النفوس لارتفاع سنام الإسلام، فيكون قتل الترس من جنس هذا.
(*) لما فيه من دفع المفسدة الكبيرة بفعل المفسدة اليسيرة، وذلك ملائم لتصرفات الشرع؛ لأنه قد روعي فيه دفع المفسدة الكبيرة بفعل المفسدة اليسيرة، كقطع اليد المتآكلة والفصد والحجامة لسلامة الجسد. ح حا.