الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الرابع: القياس]

صفحة 203 - الجزء 1

  لجنسه نظير في الشرع)، وذلك (كإيجاب الصوم(⁣١)) يعني: شهرين متتابعين (ابتداء) يعني: قبل العجز عن الإعتاق (على المُظَاهِر) من زوجته (ونحوه) وهو المجامع⁣(⁣٢) في شهر رمضان على القول بالوجوب، والقاتل خطأ في الكفارة، (حيث هو) أي: الفاعل لأيِّ هذه الأسباب (ممن يسهل عليه العتق)؛ ليكون ذلك (زيادة في زجره) لأجل صعوبة الصوم، (فإن جنس الزجر مقصود في الشرع، لكن النص)، وهو قوله تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}⁣[النساء ٩٢]، وكذلك الإجماع على تأخير الصوم أيضا (منع من اعتباره) أي: ما هو أوقع في الزجر، وهو الصوم - (هنا) أي: في هذا الحكم، حيث هو يتمكن من العتق؛ لأن النص والإجماع صرحا بأن الصوم إنما يجزي من لم يجد رقبة يعتقها، كما هو ظاهر في الآية، (فَأُلغي) هذا المناسب حينئذ.

  (وهذان) القسمان الأخيران من المناسب المرسل - أعني: الغريب، والملغى - (مُطَّرحان) لا يعمل بهما اتفاقا عند العلماء⁣(⁣٣): أما الأول: فلما تقدم من أنه لا نظير له في الشرع، وأما الثاني: فلمصادمته النص، والله أعلم.


(١) قوله: «كإيجاب الصوم ..» الخ: وبالجملة فإيجاب الصوم ابتداءً على التعيين مناسب، تحصيلًا لمقصود الزجر، لكن لم يثبت اعتباره لا بنص ولا إجماع، ولا بترتب الحكم على وفقه، فهو مرسل، ومع ذلك فقد عُلم أن الشارع لم يعتبره أصلا، ولم يوجب الصوم ابتداء على التعيين في حق احد. وقد روي أن بعض العلماء قال لبعض الملوك - وقد جامع في نهار رمضان -: صم شهرين متتابعين، فأنكِر عليه، فقال: لو أمرته بإعتاق رقبة لسهل عليه بذل ماله في شهوة فرجه فلم يرتدع. ومنه: جعل ثلاث تطليقات لم يتخللهن رجعة ثلاثًا؛ دفعا للتتابع في الطلاق بعد تقرر كونها واحدة. ومنه: ترك «حي على خير العمل» في الأذان ترغيبا في الجهاد. ومنه: وضع الحديث للترغيب والترهيب. ومنه: الكفر لإسقاط المظالم، والبينونة من الزوج. ومنه: قطع أذن المؤذي أو شفتيه أو أنفه. ومنه: الضرب بالتهمة لإخراج السرقة. فجنس الزجر والترغيب والترهيب والسعي في براءة الذمة وحفظ العرض والمال معتبر؛ لكن مصادمة الدليل يمنع من اعتبار هنا. ح حا. قوله: «وقد روي أن بعض العلماء ..» الخ قال في شرح الغاية: هو يحيى بن يحيى بن كثير، والمراد ببعض الملوك: الأمير عبد الرحمن بن الحكم الأموي.

(٢) في المخطوطتين: وهي المجامع في شهر رمضان وإن كان ندباً.

(٣) كما حكاه ابن الحاجب وغيره. وما يحكى عن مالك من قبول المرسل على الإطلاق - حتى إنه جوز قتل الأقل لإصلاح الأكثر، وقال: ترك الخير الكثير للشر القليل شر كثير، يقتضي أنه لا يقول برد الغريب. وكلام الغزالي حيث قال: من المصالح ما يشهد الشرع باعتباره، وهي أصل في القياس وحجة. ومنها ما شهد ببطلانه كتعيين الصوم في كفارة الملك، وهو باطل. ومنها ما لم يشهد له بالاعتبار ولا بالإبطال، وهذا في محل النظر - يَقْضِيْ بأنه لا إجماع على رده، ولذا قال القرشي: إنه مردود اتفاقا بين من لا يكتفي بمجرد المناسبة. شرح غاية.