[الدليل الرابع: القياس]
  (قيل(١) : ومن طرق العلة) طريق خامسة، وهي (الشَّبَه(٢))، وله معنيان: أعم وأخص.
  أما الأعم: فهو ما يرتبط الحكم به على وجه يمكن القياس عليه، وهذا يعم العلل جميعها.
  وأما الأخص - وهو المراد هنا - فقد بينه المصنف بقوله: (وهو أن يوهم الوصفُ المناسبةَ) بينه وبين الحكم، وذلك (بأن يدور معه(٣)) أي: مع الوصف (الحكم وجودا وعدما(٤)) بأن يوجد الحكم متى وجد الوصف، ويعدم متى عدم، (مع التفات الشارع إليه)، بأن يكون مما قد اعتبره(٥) في بعض الأحكام.
(١) صرح به الآمدي وغيره، وتعرُّضُ ابن الحاجب له مبني على ذلك، إلا أنه لم يقل: الخامس الشبه إشارة إلى أن المسالك المعتبرة التي لا كلام فيها هي الأربعة. سعد.
(*) مسألة: وإذا قد عرفت أن المختار في طرق العلة أنها أربع فاعلم أنه قد قيل: ... الخ. حا.
(٢) يسمى الشبه لمشابهته للمناسب من وجه، والطردي من وجه آخر؛ لأنه وصف اعتبره الشارع في بعض الأحكام ولم تعلم مناسبته بالنظر إلى ذاته، وهو واسطة بين المناسب والطردي؛ لأن الوصف إن علمتْ مناسبته لذاته فمناسب، وإلا فإن التفت إليه الشارع فشبهي، وإلا فطردي، وعرف الشبه بالمناسب بالتبع؛ لأن ما بالغير تابع لما بالذات، وعرف أيضًا بما يوهم المناسبة وليس بمناسب. شرح غاية.
(٣) وفي كلام المصنف | ما يشعر بأن الإيهام مسلك إلى العلة على طريقة أن يكون الدوران سببا في حصوله فحسب، دون أن يكون غيره طريقًا إليه، وأن يكون بمجرده مسلكًا. حا.
(*) قال في الفصول وحواشيه: الثالث: الطرد والعكس. فالطرد: ثبوت الحكم عند ثبوت الوصف، والعكس: انتفاؤه عند انتفائه، كالحلاوة في العصير، ويسمى الدوران، والعلة مدارًا، والحكم دائرًا، فأما الطرد وحده فهو من الطرق الفاسدة ولا سيما الطرد المطلق. واختلف في دلالته - أي: الطرد والعكس - على العلية بنفسه.
(٤) وأنت خبير بان المصنف ¦ جمع بين الشبه والدوران في حد واحد، ولم أرَ أحدًا فعل هكذا، وجعل المثالين للشبه الثابت بالدوران، وصاحب الفصول جعلهما مثالين للشبهية غير مقيدة، وجعل الإمام المهدي # الكيل مثال للدوران، وجعل ابن الحاجب الطهارة مثالا للشبه. فأما اعتبار التسمية فلا مرية في أن أصحابنا يسمون الدوران بالشبه، وقد ذكر غير واحد من العلماء أن الدوران من المسالك الشبهية كما مر، فالغرابة فيما ذكره المصنف من جهة الجمع والقصر. نعم قد يقال: إنه لا غرابة من جهة الجمع لما مر عن سعد الدين صريحا وهو ظاهر كلام ابن الحاجب أن علية الشبه لا ثبوت لها إلا بشيء من المسالك، وأما من جهة القصر فلعله يريد أنه إنما يضعف الشبه حيث يثبت بالدوران لا بغيره من أي المسالك، غير أن أخذ هذا المعنى من عبارة المؤلف لا يخلو من بعد. ح حا.
(٥) لأنه قد التفت الشارع إليه في قوله: لا صاعين تمرا بصاع، ولا صاعين حنطة بصاع. ح حا.