[الاعتراضات]
  لاشتراك ما أتيا به في الصلاحية للعلية ولجزئيتها، فوجب قبولها والجواب عنها؛ للتخلص من ذلك. إذا تقرر ذلك(١) فنقول: جواب المعارضة(٢) يكون إما بمنع المعارَض به، مثل: أن يعارض المعترض القوت بالكيل.
  فيقول المستدل: لا نسلم أنه مكيل؛ لأنه كان في عصره ÷ موزونا، والعبرة بعصره في ذلك. أو يقول: هو في مكة والمدينة موزون، والعبرة في الكيل والوزن بهما.
  وإما ببيان خفاء الوصف(٣) المعارَض به. أو ببيان عدم انضباطه(٤)؛ لما تبين من أن شرط العلة الظهور والانضباط.
  وإما بأن يبين استقلال ما عدا الوصف المعارَض به من الأوصاف التي أتى بها المستدل بالحكم، إما بظاهر آية، أو خبر(٥)، أو إجماع. مثل أن يقول المستدل في الاستدلال على قتل اليهودي إذا تنصر، أو بالعكس: بَدَّل دينه فيقتل كالمرتد. فيقول المعترض: بَدَّل دينه بكفر بعد إيمان.
  فيجيب: بأن علته مستقلة بالحكم بظاهر قول النبي ÷: «من بَدَّل دينه فاقتلوه».
  ولا يضر المستدل كون هذا عاما إذا لم يتعرض(٦) للتعميم، فلو تعرض له فقال: فيثبت اعتبار كل تبديل للحديث - لم يسمع منه ذلك؛ لأنه يكون إثباتا لحكم الفرع
(١) قبول الاعتراض ووجوب الجواب.
(٢) جواب المعارضة من وجوه: منها: ما ذكره. ومنها: المطالبة بكون وصف المعترض مؤثرًا؛ فيقال في المعارضة بالكيل فيما ذكر: ولم قلت: إن الكيل مؤثر؟ وهذا إنما يسمع من المستدل إذا كان مثبتًا للعلية بالمناسبة حتى يحتاج المعارِض في معارضته إلى بيان مناسبته، بخلاف ما إذا أثبت المستدل كون الوصف علة بالسبر، فعارضه المعترض بوصف آخر؛ فإنها لا تصح المطالبة بالتأثير؛ لأن السبر كافٍ في الدلالة على العلية بدون التأثير. قسطاس مع زيادة غير مخلة.
(٣) كما في الاعتراض الحادي عشر.
(٤) كما في الاعتراض الثاني عشر.
(٥) مثل «لا تبيعوا الطعام بالطعام» في الجواب على معارضة الطعم بالكيل. منهاج.
(٦) ولم يستدل به؛ لجواز أن لا يقول هو أو الخصم بالعموم، أو يظهر للعموم مخصص، أو نحوذلك من موانع التمسك بالعموم، فيتمسك بالقياس. قسطاس.