[الاستدلال]
  يبطل تيممه برؤية الماء؛ وذلك (استصحابا للحال) الأولى؛ (لأنه) أي: المتيمم (قد كان وجب عليه المضي فيها) أي: في الحال(١) (قبل رؤية الماء) ولم يوجد ما يصلح للتغيير.
  واعلم أنه قد اختُلِف في كون الاستصحاب دليلًا شرعيًّا: فقيل(٢): ليس بحجة. وقيل: بل هو حجة(٣).
  والأَولى أن يقال: إن ساوت الحال الأولى الثانيةَ، ولم يظن طروُّ معارضٍ يزيله عَمِل به، مثلا أنه(٤) لو شك في حصول الزوجية ابتداء فإنه يحرم عليه الاستمتاع، استصحابا للحال الأولى، وهي عدم الزوجية. ولو شك في دوام الزوجية جاز له الاستمتاع استصحابا للحال الأولى، وهي بقاء الزوجية.
  وإن لم تساو الحالُ الأولى الثانيةَ لم يعمل به، كمسألة التيمم، فإن الحال الثانية غير مساوية للأولى؛ لوجود الماء فيها دون الأولى، وليس المقتضي لصحة الصلاة في الحالة الأولى إلا فقدان الماء، وقد وجد؛ فلم يتشاركا(٥) في المقتضي لجواز التيمم، وهذا واضح كما ترى.
  والنوع (الثالث) من أنواع الاستدلال (شرعُ مَن قَبلَنا) من الأنبئاء $، فقد
(١) وهي الحال التي قبل رؤية الماء. قسطاس معنى.
(٢) أكثر الحنفية والمتكلمين، ورواه الإمام المهدي عن أهل المذهب، ورجحه. حا.
(٣) في شرح ابن حابس ما لفظه: نعم قد روى صاحب الفصول عن أئمتنا والجمهور أنه دليل مستقل بنفسه كما مر، ولكنه جعل المختار في المثال عدم العمل به.
(٤) هذا نقل من القسطاس، والذي قبله في القسطاس هو قول مؤلفه في الاحتجاج لكون الاستصحاب دليلا: لنا: ما تحقق وجوده أو عدمه في حال ولم يظن طرو معارض يزيله فإنه يلزم ظن بقائه، هذا أمر ضروري، ولولا حصول هذا الظن لما ساغ للعاقل مراسلة من فارقه، والاشتغال بما يستدعي زمانًا من حراثة أو تجارة ولا إرسال الودائع والهدايا من بلد إلى بلد بعيد، ولا القراض والديون، ولولا الظن لكان ذلك كله سَفَهًا، وإذا ثبت الظن فهو متبع شرعًا لما مر. ولنا أيضًا: أنه لو شك في حصول الزوجية ... الخ.
(٥) فلم تشاركها حالة الوجدان في ذلك المقتضي للحكم وهو عدم الماء حتى يوجد الحكم لوجود ما يقتضيه، فيلزم انتفاء الحكم؛ إذ يكون ثبوته - لو حكم به - من غير دليل، وهو لا يصح، فبطل أن يكون الاستصحاب حجة، وهو المطلوب. ح حا.