[الاستدلال]
  (و) اعلم أنه (لا يتحقق(١) استحسانٌ مختلف فيه(٢))؛ لأنه قد ذكر في حقيقته أمور لا تصلح محلا للخلاف؛ لأن بعضها مقبول اتفاقا مثل ما ذكره المصنف، ومثل قول أبي عبد الله البصري، وأبي الحسن الكرخي: إنه العدول عن الحكم في الشيء حكم نظائره لدلالة تخصه(٣)، وغير(٤) ذلك(٥).
  وبعضها متردد بين ما هو مقبول(٦) اتفاقا، وبين ما هو مردود اتفاقا؛ مثل ما ذكره بعضهم من أنه دليل ينقدح(٧) في نفس المجتهد، يعسر عليه التعبير عنه. لأنه يقال: ما المعنى بقوله ينقدح؟ إن كان بمعنى: أنه يتحقق ثبوته(٨)، فيجب عليه العمل به، ولا أثر لعجزه عن التعبير بالنسبة إليه(٩)؛ إذ ليس عليه أن يمكنه
(١) على المختار، وفاقا للجمهور.
(*) فإن تحقق استحسان مختلف فيه في غير ما ذكروه في الصور قلنا: لا دليل يدل على كونه حجة، فوجب تركه أ هـ. لما علمت أن عدم الدليل في نفي الأحكام الشرعية مدرك شرعي.
(٢) لأن الخلاف إن عاد إلى اللفظ فلا مَشَاحَّةَ في العبارة بعد صحة المعنى من غير إبهام، وإن عاد إلى المعنى فرجوعه إلى الترجيح بين الأدلة الشرعية وهو متفق عليه. حا. ولا حاجة بنا إلى فرض استحسان يصلح محلا للنزاع ثم الاحتجاج على إبطاله. شرح غاية.
(٣) وذلك كتخصيص أبي حنيفة قول القائل: «مالي كله صدقة» بالمال الزكوي؛ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة ١٠٣]؛ لأن أدلة وجوب الوفاء بالنذر تقتضي أن يجب التصدق بجميع ماله؛ عملا بعموم لفظ الناذر، لكن اقتضى الدليل الخاص العدول عن ذلك إلى تخصيصه بمال الزكاة. وهذا الحد يعيد الخلاف إلى الوفاق، فإنما يلزمه أن يسمي تخصيص العموم استحسانا.
(٤) في نسخة: ونحو.
(٥) قوله: «ونحو ذلك» قيل: هو العدول من قياس إلى قياس أقوى منه، وهذا يوجب ألّا يكون العدول عن القياس إلى نص استحسانا، وهو استحسان عندهم، كاستحسانهم ألّا قضاء على الآكل ناسيا في صومه، وتركهم القياس لأجل الخبر. وقال بعضهم: هو تخصيص قياس بدليل هو أقوى منه. وهذا باطل؛ لأنه يوجب أن يكون العدول عن غير قياس ليس باستحسان، وهو استحسان عندهم، فظهر لك أن ما ذكره أبو الحسين هو أسلم الحدود من الاعتراض. منهاج.
(٦) بمعنى أنه: إما مقبول أو مردود، وليس قوله: «أو مردود» قسم ثالث.
(٧) أي: يظهر ظهورا تاما.
(٨) أي: ثبوت كونه دليلا. أصفهاني.
(٩) فأما في مواطن الجدال فهو غير مقبول منه؛ لأنه لا يدري بمبلغ نظره، ولعله خيال باطل، فلا تقوم له به حجة على المناظر. قسطاس.
(*) بل في حق الغير. شرح غاية.
=