[الباب الثالث: المنطوق والمفهوم]
[الباب الثالث: المنطوق والمفهوم]
  (الباب الثالث) من أبواب الكتاب في المنطوق والمفهوم(١)، وهما وصفان لما يدل عليه اللفظ العربي؛ ولذا قال المصنف:
  (المنطوق: ما دل عليه اللفظ في محل النطق(٢)) أي: يكون حكمًا للفظ المذكور، وحالا من أحواله(٣) (فإن أفاد) اللفظ (معنى لا يحتمل) ذلك اللفظ (غيره فنصٌّ) في المقصود، (ودلالته) أي: دلالة ذلك اللفظ على المقصود (قطعية، وإلا) يفد ذلك، بل أفاد معنى يحتمل المقصود وغيره (فظاهر(٤)) أي: فهو المسمى بالظاهر، (ودلالته) أي: دلالة اللفظ على المقصود - حينئذ - (ظنية) للاحتمال المذكور.
(١) في الغاية وشرحها ما لفظه: المنطوق: ما أفاده اللفظ من أحوال مذكور، فقوله: «ما أفاده اللفظ» يشترك فيه القسمان؛ لأن المفهوم مستفاد من اللفظ قطعًا، وبيانه بقوله: «من أحوال المذكور» لإخراج المفهوم؛ لأن إفادة اللفظ فيه لأحوال لغير مذكور فيه، والمراد بالأحوال: الأحكام الشرعية التكليفية والوضعية، والإيجاب والسلب، والمقدمات العقلية والعادية وغيرها، فإن ذكرت الحال في اللفظ كما ذكر صاحبها فيه بأن يجيء في الكلام ما يفيدها بنفسه فصريح، كقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}[الإسراء ٧٨]، وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة ٣٨] فإنه دل فيهما على حالة مذكورة للصلاة والقطع، وهي وجوب صلاة الظهر، وعليةُ السرقة للقطع، وإلا تكن الحالة المستفادة من اللفظ مذكورة فيه فغيره، أي: غير الصريح، وهو المدلول عليه بالالتزام.
(٢) وهذا تعريف للمنطوق الاصطلاحي بالنطق اللغوي، فلا دور. ح مختصر المنتهى.
(٣) سواء ذكر ذلك الحكم ونطق به أو لا؛ ليعم الصريح وغير الصريح، فإن الحكم فيه وإن لم يذكر ولم ينطق به لكنه من أحوال المذكور وأحكامه على ما سيجيء من الأمثلة؛ فدلالة: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}[الإسراء ٢٣] على تحريم التأفيف منطوق صريح، وعلى تحريم الضرب مفهوم. ودلالة: «تمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلي» على أن أكثر الحيض وأقل الطهر خمسة عشر يومًا منطوق غير صريح. والفرق بين المفهوم وغير الصريح من المنطوق محل نظر. عضد وسعد. وقد جعل بعض أئمتنا وبعض الأصوليين غير الصريح على أقسامه من باب المفهوم. حا. قوله: «محل نظر»: قال في حواشي صلاح على الفصول: ولعل وجه الفرق أن غير الصريح لازم في محل النطق، بخلاف المفهوم فإنه في غير محل النطق. ح حا.
(٤) فالظاهر في الاصطلاح: هو اللفظ السابق إلى الفهم منه معنىً راجحٌ مع احتماله لمعنى مرجوح لم يحمل عليه. شرح غاية بلفظه.