[خاتمة]
  أي: يدل عليه اللفظ بالالتزام(١)، فغير الصريح: دلالة اللفظ على ما لم يوضع له.
  وغير الصريح ثلاثة أقسام: اقتضاء، وإيماء، وإشارة؛ وذلك لأنه: إما أن يكون إفهام ذلك اللازم مقصودا للمتكلم أو لا.
  (فإن قصد) إفهام ذلك اللازم بإطلاق اللفظ (و) هو قسمان؛ لأنه: إما أن يتوقف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه أوْ لا؟
  فإن (توقف الصدق، أو) توقفت (الصحة العقلية، أو) توقفت (الصحة الشرعية عليه) أي: على قصد ذلك اللازم (فدلالة اقتضاء) أي: فاللفظ يدل على ذلك المعنى دلالة اقتضاء، أي: يقتضيه اللفظ، وليس بنص صريح.
  فالذي يتوقف الصدق عليه (مثل): قوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» لم يرد نفس الخطأ والنسيان بل أراد المؤاخذة(٢) ونحوها، وإلا لكان كذبا؛ لأنهما لم يرفعا عنهم، إذا المعلوم أنهم ينسون ويخطئون؛ فعلم أن المراد المؤاخذة واللفظ لا يدل عليها بصريحه، بل يقتضيها؛ لتوقف الصدق على ذلك، كما بينا.
  والذي تتوقف عليه الصحة العقلية: نحو قوله تعالى: ({وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}) [يوسف ٨٢]، فإن العقل قاضٍ بأنه لم يُرد نفس القرية؛ لأنها لا تَعقل، والعاقِل لا يأمر غيره بسؤال من لا يعقل(٣)، فعُلم أنه أراد أهلها، واللفظ لا يدل عليه صريحًا، بل يقتضيه؛ لتوقف الصحة العقلية على ذلك.
  والذي تتوقف عليه الصحة الشرعية: مثل قول القائل لغيره: (اعتق عبدك عني على ألف) فإنه لم يرد: اعتقه عني وهو مملوك لك؛ لأن العتق عن الغير لا يصح، بل أراد اجعله مملوكًا لي ثم اعتقه؛ لتوقف العتق على ذلك، واللفظ لا يدل عليه صريحا، بل يقتضيه؛ لتوقف الصحة الشرعية على ذلك. فدلالة اللفظ
(١) كدلالة العشرة على الزوجية.
(٢) إلا ما خصه دليل كإيجاب الكفارة في حق المخطئ والمفطر ناسيا في رمضان على قول. ذُكر معنى هذا في شرح ابن حابس.
(٣) إذ سؤاله للجماد عبث؛ لكونه يعلم بأنه لا يفيد فائدة. ح معيار للسيد داود.