[المفهوم]
  قلت: يكون: إما حقيقة عرفية(١) إن كان استعمالها في هذا المعنى غالبًا، وإن كان غير غالب فهو مجاز؛ لأنه قد استعمل في غير ما وضع له في الأصل، والله أعلم.
  (وهي) - على المختار - خمسة أقسام:
  (لغوية) وهي ما استعمله الواضع الأصلي فيما وضع له، كالأسد للسبُع المفترس، والإنسان والفرس والسماء والأرض في مسمياتها المعروفة.
  والواضع الأصلي للغات هو البشر(٢)، واحد أو جماعة على المختار(٣). ويحصل تعرُّفها بالإشارة والقرائن كالأطفال(٤).
  وطريق معرفتها: النقل، وهو بالتواتر فيما لا يقبل التشكيك، كالأرض والسماء(٥) والحَرِّ والبرد ونحوها. وبالآحاد في غير(٦) ذلك، فإن طريقه(٧) النقل عن أئمة اللغة، فإن اتفقوا وهم عدد كثير لا يتواطأ مثلهم على الكذب فقطعي،
(١) مقتضى قوله فيما سبق: «وأما معناها اصطلاحاً» أن لفظ الحقيقة حقيقة اصطلاحية في المعنى المذكور كما هو المأخوذ من كلام غيره، وسيأتي في المجاز ما يطابق هذا.
(٢) وعبارة الغاية: ولم يثبت تعيين الواضع؛ لبطلان أدلته ... إلخ.
(٣) الأشعري: علمها الله تعالى بالوحي، أو بخلق الأصوات، أو بعلم ضروري. البهشمية: وضعها البشر واحداً أو جماعة، وحصل التفرق بالاشارة والقرائن كالأطفال الاستاذ: القدر المحتاج إليه في التعريف توقيف، وغيره محتمل. القاضي: الجميع ممكن. منتهى. قوله علمها الله تعالى بالوحي ... إلخ، أي: أفهمها بالخطاب، أو بخلق الحروف والأصوات في جسم من الأجسام، وإسماع واحد أو جماعة من الناس، أو بخلق علم ضروري في واحد أو جماعة بأن واضعاً وضع تلك الألفاظ بإزاء تلك المعاني، ويسمى هذا المذهب توقيفاً. أصفهاني. وقوله: الاستاذ: القدر المحتاج ... إلخ، أي: القدر الذي وقع به التنبيه على الاصطلاح توقيفي على الوجه الذي ذكرناه والباقي يحتمل أن يكون توقيفياً ويحتمل أن يكون اصطلاحياً. وقد اختلف الأصوليون في الواضع على خمسة أقوال: خامسها: عكس قول أبي اسحاق، لكن لم يكن لهذا المذهب متمسك يعتد به. أصفهاني على المختصر.
(٤) فإنهم يعرفون بالإشارة والقرائن.
(٥) مما يعلم وضعه لمعناه فلا يقبل التشكيك.
(٦) كالألفاظ الغريبة التي لا يعلم وضعها لمعانيها، و إنما يكتفى فيها بالظن. ح - غ.
(٧) نعم، وصفة النقل في العامة أن ينقل الاسم طائفة من الطوائف، ويستفيض فيها، ويتعدى إلى غيرها، ويشيع في الكل على طول الزمان، ثم ينشأ من بعدهم مقتفياً أثرهم في استعماله في ذلك المعنى؛ وإنما قيل بهذا لبعد تواطئ أهل اللغة مع سعتهم على ذلك.