[حد أصول الفقه]
  وفي الاصطلاح: العلم(١) بالأحكام(٢) الشرعية(٣) العملية عن أدلتها التفصيلية.
  فقولنا: «العلم» جنس الحد، دخل فيه سائر العلوم.
  وقولنا: «بالأحكام» احتراز من العلم بالذوات والصفات(٤) والأفعال(٥).
  وقولنا: «الشرعية» احتراز من العلم بالأحكام العقلية؛ كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن الكل أعظم من الجزء.
  وقولنا: «العملية» احتراز من العلمية؛ كالعلم بأن الإله واحد سميع بصير.
  وقولنا: «عن أدلتها(٦) التفصيلية» احتراز من علم الله تعالى(٧) بالأحكام؛ فليس مستندًا إلى دليل، بل هو عالم بهما(٨) معًا، غير مستفيد أحدهما من الآخر.
(١) عبارة متن الغاية: والفقه: اعتقاد تلك الأحكام كذلك.
(٢) واعترض على تعريف الفقه: بأنه لا يصلح جعل العلم جنسًا له؛ لأنه يلزم أن يكون قطعيا، وليس كذلك؛ لأن دلائله مأخوذة من السمع، وهو لا يفيد اليقين؛ لتوقفه على أمور غير حاصل فيها اليقين، وإذا كان الدليل ظنيا كان المدلول كذلك. والجواب: أنا لا نسلم كون الفقه غير قطعي وأن دلائل الفقه بأسرها ظنية، وبيان ذلك: أن أضعف دلالة خبر الواحد والحاصل به - أعني: وجوب العمل - قطعي؛ وذلك لأن المجتهد إذا ظن الحكم بوجوب العمل بقوله: في سائمة الغنم زكاة، كان حصول نسبة الظن إلى نفسه يقينا، فمعه مقدمة قطعية، وهي قوله: أنا ظان وجوب الزكاة، وانضمت إليها قطعية إجماعية، وهي أن كل من ظن حكما وجب عليه العمل به، فيكون الحاصل منهما: وجوب العمل قطعا، وهو وإن لم يكن فقهًا - لأن الفقه هو العلم بالحكم، لا نفس الحكم - غير أن كون الحكم قطعيا يستلزم كون العلم به قطعيا، ولما كان الظن واقعا في طرف الحكم، وهو تصورات المقدمة ظن أنها ظنية، فإن قوله: أنا ظان، مركب من جزأين: أحدهما: الظن، فإن الظان ذات قام بها الظن، وكون المقدمة قطعية إنما هو باعتبار النسبة؛ إذ هي يقينية. حواشي البيضاوي للسيد العلوي.
(٣) ثم الشرعية: إما اعتقادية لا تتعلق بكيفبة عمل، وهي مسائل أصول الدين وأصول الفقه، وتسمى: أصلية، أو عملية مما يتعلق بها، وتسمى: فرعية. شيخ لطف الله الغياث |.
(٤) أحمر وأبيض.
(٥) قام وقعد.
(٦) قال في الغاية: وهو متعلق باعتقاد، يخرج به علم المقلد، وما علم من ضرورة الدين؛ كالصلاة والصوم. ومنه: علم جبريل والرسول ÷، وأما علم الباري جل وعلا فغير داخل في الجنس؛ أي: جنس الحد، وهو الاعتقاد.
(٧) بالحكم والدليل.
(٨) الأولى: خروجه من قوله: عن أدلتها التفصيلية، كما يظهر آخر الكلام.