[المجاز]
  قوله: «الكلمة»: جنس قريب للحد. وقوله: «المستعملة»: احتراز من الكلمة قبل الاستعمال وبعد الوضع، فإنها ليست بحقيقة ولا مجاز. وقوله: «في اصطلاح التخاطب»: متعلق بقوله: «وضعت»، أي: لا يشترط أن تكون مستعملة في غير ما وضعت له إلا في اصطلاح التخاطب، ولو استعملت فيما وضعت له في اصطلاح آخر(١)، وذلك كالصلاة إذا استعملها الشارع في الدعاء كما في قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة ١٠٣]، فإنها عنده مجاز، وإن كانت مستعملة فيما وضعت له، لكن في اصطلاح آخر. وقوله: «لعلاقة» أي: بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، واحترز به عن الغلط، نحو استعمال الأرض(٢) في السماء، فإنه لا يكون مجازاً؛ لعدم العلاقة بينهما. والعلاقة: تَعَلُّقٌ مّا للمعنى المجازي بالمعنى الحقيقي، وسيأتي تفصيلها. قوله: «مع قرينة» أي: تدل على أنه لم يرد معناه الحقيقي(٣). قوله: «في اصطلاح التخاطب»: يشمل المجازات جميعها:
  - اللغوي، كالأسد للرجل الشجاع.
(١) فيدخل مثل هذا، ويخرج بهذا القيد عن تعريف المجاز من الحقيقة ما يكون له معنى آخر باصطلاح آخر، كلفظ ا لصلاة المستعمل بحسب الشرع في الأركان المخصوصة، فأنه يصدق عليه أنه كلمة مستعملة في غير ما وضعت له، لكن بحسب اصلاح آخر - وهو اللغة - لا بحسب اصطلاح التخاطب، وهو الشرع. من الشرح الصغير.
(٢) يقال: العلاقة هي المضادة؛ فلو مثل للغلط بنحو: «خذ هذا الفرس» مشيراً إلى كتاب - لكان أولى. أقول: مجرد وجود المضادة كافٍ في صحة التجوز بأحدهما عن الأخرى؛ إذ لا بد في صحة الإطلاق من اعتبار العلاقة وإرادتها تحسيناً للكلام، فتمثيل الشيخ صحيح لا غبار عليه؛ لأنه مبني على عدم اعتبار العلاقة، ولا يخفى عليك أن مجرد اعتبار علاقة المضادة من دون اعتبار تهكم لا يكسي الكلام حسناً، ولو كان المعتبر مجرد وجود العلاقة في نفس الأمر - سواء اعتبراها المتكلم أولاً - لكان تمثيل المحشي غير صحيح؛ لأنه يمكن وجود علاقة بين الفرس والكتاب، وهي المشابهة، كأن تكون حسنة الجري، غير متعبة لراكبها، موصلة إلى مطلوبة من دون مشقة، فتشبه بالكتاب الذي النظر فيه يوصل إلى مطلوب الناظر من دون مشقة. وكذلك يمكن أن يشبه الكتاب بالفرس في الإيصال إلى المطلوب؛ فيقول القائل: خذ هذا الفرس مشيراً إلى كتاب، وأطلق عليه لفظ الفرس لمشابهته إياها في الإيصال إلى المطلوب. لكنه لا يخفى عليك عدم حسن هذا المجاز، وعدم كفاية وجود العلاقة في تصحيحه؛ و بهذا جعلوه غلطاً، فما كان جواب هذا المحشي عن هذا كان جواب الشارح.
(٣) بهذا تخرج الكناية كطويل النجاد، فإنها مستعملة في غير ما وضعت له مع جواز إرادة ما وضعت له.